آخر تحديث :السبت-06 ديسمبر 2025-06:07م
أخبار وتقارير

المعهد الوطني في الضالع نافذة أمل لطلاب الريف

السبت - 06 ديسمبر 2025 - 04:23 م بتوقيت عدن
المعهد الوطني في الضالع نافذة أمل لطلاب الريف
تقرير محمد مصلح


في عام 2021، اختار الشاب أحمد مسعد (22 عامًا)، الالتحاق بالمعهد الوطني للعلوم والتكنولوجيا بمحافظة الضالع، من أجل بناء قدراته ومهاراته لعله يحظى بفرصة في سوق العمل يعول بها نفسه وأسرته، في ظل الظروف الاقتصادية التي تشهدها اليمن.


يقول مسعد المنحدر من قرية رباط السلامي بمديرية قعطبة، إنه تمكن من الدراسة في قسم التمريض بتخصص مساعد طبيب، وحصل على رخصة مزاولة المهنة، لكن بفعل ركود سوق العمل في اليمن، اتخذ قرار السفر والعمل في الخارج، حيث استقر مؤخرا في السعودية، بعد أن حصل على وظيفة في أحد مستشفياتها.


نافذة أمل

خلال السنوات الماضية، تمكن الكثير من طلاب القرى الريفية في الضالع من تحقيق طموحاتهم من خلال التعليم في المعهد الذي يجمع بين الأسس العلمية والتطبيق العملي، موفراً بذلك فرصة لتحقيق أحلامهم المستقبلية.


يؤكد مسعد لـ “صحيفة عدن الغد”، أن المعهد يكفل تزويد الخريج بمهنة محددة، مع ضمان تأهيله عليها بشكل متكامل وفعال، بما يضمن التوافق التام مع المواصفات والمعايير الدولية الحديثة للتعليم التقني والمهني.


لافتا أن المعهد يُعد منصة تعليمية يوفر مجموعة واسعة من التخصصات، فهو يهدف إلى بناء وتطوير مهارات وقدرات الطلاب والطالبات، وتدريبهم وتأهيلهم ليصبحوا كوادر مؤهلة وقادرة على المنافسة في الأسواق المحلية والإقليمية والدولية.



يُعد المعهد منصة تعليمية رائدة يوفر مجموعة واسعة من التخصصات لأبناء الأرياف(ريف اليمن)

منذ انطلاقه في 28 يونيو عام 2020، تمكّن المعهد من استقطاب أعدادا كبيرة من الطلاب والطالبات من مختلف قرى ومديريات المحافظة، سعيًا لطلب العلم في مجموعة واسعة من التخصصات التي تشمل المجالات الطبية والتقنية والتطبيقية والإدارية والهندسية.


يؤكد عميد المعهد المهندس ظافر الصباري، أن عدد الطلاب والطالبات الذين تخرجوا من المعهد – سواء بدبلوم سنتين بعد الثانوية العامة أو دبلوم ثلاث سنوات بعد الإعدادية – يتجاوز 345 خريجاً وخريجة.


وأضاف لـ” صحيفة عدن الغد” أن الارتفاع الملحوظ في مستوى الإقبال على الدراسة والتعليم في المعهد لهذا العام تحديداً، وهو ما يجعل عدد الخريجين مرشحاً للزيادة في السنوات المستقبلية.


يرى الصحفي صالح المنصوب إن المعهد الوطني للعلوم والتكنولوجيا يرسم بطلابه وطالباته لوحة إبداعية ، تتجلى فيها أروع صور الإنسان اليمني كطالب قادم من القرى الريفية ومن مختلف الخلفيات الاجتماعية.


تأهيل وتدريب

ويضيف لـ “صحيفة عدن الغد” هؤلاء الطلاب، سواء كانوا من الأثرياء، أو الكادحين، أو الفقراء، أو المتوسطين، أو المهمشين، قد انخرطوا في قاعات المعهد وتوحدوا تحت مظلته وسقفه في سبيل التعليم والتدريب.


يقدم المعهد مجموعة من التخصصات الطبية، والتقنية، والهندسية، والإدارية، وأبرزها: مساعد طبيب، تمريض، قبالة، صيدلة، تقنية معلومات، محاسبة، هندسة معمارية، وإدارة أعمال.


بحسب الصباري، تُقدم الخدمات التدريبية والتعليمية وفق ثلاثة مسارات رئيسية: المسار الأول دبلوم سنتين بعد الثانوية العامة: مخصص للتخصصات الطبية والهندسية والتقنية والإدارية، وتشمل: مساعد طبيب، صيدلة، تمريض، تقنية معلومات، إدارة أعمال، محاسبة، وهندسة معمارية.



جانب من معمل الحاسوب في المعهد الوطني بمحافظة الضالع(ريف اليمن)

المسار الثاني دبلوم ثلاث سنوات بعد الإعدادية: يمثل الثانوية المهنية، ويشمل تخصصات مثل: قبالة مجتمع، حاسبة وحوسبة، وحاسوب عام. ويحق للطالب الحاصل على هذه الشهادة المهنية، التي توازي الثانوية العامة، مواصلة دراسته الجامعية.


أما المسار الثالث فيتمثل في إقامة دورات تدريبية وتأهيلية، بالتعاون مع منظمات دولية وسلطات محلية، لتعزيز سبل العيش، إذ يهدف إلى بناء وتطوير القدرات والمهارات في مجالات متنوعة تشمل: الخياطة، والكوافير، وصناعة البخور والعطور، والإكسسوارات، والكهرباء، والسباكة، والميكانيكا، وصيانة الجوالات، وصيانة الأجهزة الإلكترونية. ووفقاً للصباري فقد غطى المشروع أكثر من 150 متدرباً ومتدربة.


أروى محمد، وهي معلمة في الضالع، تؤكد أن تنفيذ المعهد الوطني لمشاريع الدورات التدريبية والتأهيلية للشباب والنساء والفتيات لبناء القدرات والمهارات في مختلف المجالات، وضع بصمة كبيرة في تعزيز سبل العيش، وتنمية مصادر الدخل، ودعم الاعتماد على الذات وتحقيق الاكتفاء الذاتي.


يوافقها الرأي، أحمد علي الذي أكد أن المعهد استطاع خلق بيئة تعليمية وتدريبية متميزة تستهدف وتستقطب جميع فئات المجتمع، من خلال تنويع باقاته التدريبية وتوسيع أنشطته التعليمية، وحرصه الشديد على تحقيق التميز والريادة والصدارة.


وأضاف علي لـ “صحيفة عدن الغد” المعهد وسع علاقاته لتشمل جميع فئات المجتمع في مختلف مديريات محافظة الضالع، حيث حرص على أن يكون حيادياً ومستقلاً ويركز فقط على علاقاته الاجتماعية وأنشطته التدريبية وخدماته التعليمية للرجال والنساء.


تمكين المرأة

أم أماني، ربة أسرة نازحة تبلغ من العمر 27 عاماً، استقرت مع عائلتها في مدينة قعطبة منذ سنوات. بالرغم من حصولها على شهادة الثانوية العامة وعدم امتلاكها حرفة أو مهنة، قررت الالتحاق بقسم القبالة في المعهد الوطني.


أكملت أم أماني دراستها وتخرجت في عام 2023 وبدأت البحث عن عمل إذ تقول لـ “صحيفة عدن الغد”: “أكملت دراستي في المعهد الوطني وبدأت البحث عن عمل، حصلت على بعض الفرص من مكتب الصحة، واشتغلت في نفس المربع السكني الذي أسكن به، قدمت الخدمة لأبناء المجتمع، بالإضافة إلى الحصول على مقابل محدود، ساهم بتوفير متطلبات المعيشة واحتياجات الأسرة.



وضع المعهد بصمة كبيرة في تعزيز سبل العيش، وتنمية مصادر الدخل لأبناء الريف(ريف اليمن)

وأوضحت أن الكثير من زميلاتها حصلن على فرص عمل في منظمات أو في القطاع الخاص مؤكدة أن تعليم وتدريب وتأهيل الفتاة أمر ذو أهمية كبيرة، إذ يساهم في تحسين الظروف المعيشية والاقتصادية للفتاة ولأسرتها، بحيث تعتمد على ذاتها وتساعد زوجها وأهلها.


تستذكر أم أماني كيف كافحت مع أسرتها خلال فترة الدراسة وكيف تمكنت من الجمع بين متطلبات تربية الأولاد واحتياجات الأسرة ومستلزمات الدراسة ورسوم المعهد، وتعترف بأنها كانت رحلة صعبة وشاقة ولكنها ممتعة، وكان لا بد من تحمل بعض المصاعب في رحلتها التعليمية، خصوصاً وهي ربة أسرة.


من جانبها تقول سبأ عبد الله، مديرة إدارة تنمية المرأة في مديرية قعطبة، بأن المعهد الوطني للعلوم والتكنولوجيا قدم خدمات جليلة ومتميزة للمرأة وخصوصاً الفتيات والطالبات، حيث فتح أقساماً تعليمية تستطيع الطالبات الانضمام إليها.


وتضيف لـ “صحيفة عدن الغد” أن المعهد كان له دور حيوي، لولا وجود المعهد لحُرمت الكثير من الطالبات من التعليم بسبب العادات والتقاليد التي تمنع الفتيات من الانتقال إلى محافظات أخرى للدراسة والتعلم.


كما أشارت إلى أن الكثير من الفتيات والطالبات، هن وأسرهن، كُنَّ بلا عمل أو مصدر دخل أو مهنة. وبعد قرارهنّ الالتحاق بالمعهد الوطني والدراسة في التخصصات المناسبة مثل قبالة مجتمع، مساعد طبيب، تمريض، أو حاسوب، استطعن الحصول على فرصة عمل، سواء مع بعض المنظمات عبر مكتب الصحة أو مع القطاع الخاص، مما ساهم في تحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية للأسر