آخر تحديث :الأربعاء-10 ديسمبر 2025-03:34م
أدب وثقافة

استفزاز ( أقصوصة)

الأربعاء - 10 ديسمبر 2025 - 02:42 م بتوقيت عدن
استفزاز ( أقصوصة)
بقلم / عصام مريسي

ضيق المكان لم يزد صدره إلا سعة وصبر ; مازال واقفا إلى جوار مجموعة من الرجال والنساء بأعمار مختلفة على عتبة الباب الفولاذي بلونه الرمادي المائل للسواد ليوحي بتقارب نواحي الغرفة الهشة المبنية من مخلفات الحديد الممزوج ببعض المعادن المعاد تصنيعها صادرا منها روائح لماضي يعج بالظلم والقهر ينتظرون دورهم في الولوج نحو الشخص القابع في ناحية من نواحيها متصجر كلما ساد السكوت تردد صدى صوته الخشن صارخا ينادي على أحد الأسماء من المنتظرين أو صارخا في عنجهية وغرور وسخرية.

من أحد أركان الغرفة الضيقة محشور خلف أحد المكاتب التي أغلقت الغرفة وعرقلة الحركة داخلها يقبع وبحركة عفوية يسحب منديله المتدلي على عنقه يمسح العرق المتكون على جبينه وبحركة سريعة يعيدها بعد نفضها في الهواء حول عنقه وبصوت صارخ ينادي على أحد الأشخاص الواقفين في طابور الإنتظار:

هيا تقدم .. اجلس

ثم يردف ساخرا:

أو تريد ان نحضر لك فرقة موسيقية للترحيب بك.. هيا أجلس

يتقدم الشخص المنادى باسمه خطوة واحدة وأصبح بمحاداة مكتب المحقق يقلب بصره في نواحي الغرفة الضيقة سريعا يرتد بصره بعد تجوال قصير في المكان الضيق يستدير خلفه لينظر لطابور المنتظرين وقدت بدت على بعضهم علامات الأعياء والتعب والإرهاق لطول وقوفهم إذ لا مكان للجلوس فكراسي الإنتظار محدودة في ساحة المبنى المكشوف .

يجلس يباشره يالسؤال ولا يدع له فرصة للإجابة:

ما قولك في التهمة المنسوبة إليك ..أنت مقر

يقاطعه فورا :

سيادة المحقق أعطني فرصة للإجابة

بصوت إنفعالي مرتعد وعنجهية غير مبررة:

تقاطعني وتعقب على اوامري ..أنا ليس محقق أنا الوكيل

يأخذ أنفاسا عميقه قبل أن يتكلم وبصوت خافت يجيب :

عفوا سيادة الوكيل .. انا لن اجيب على أي سؤال إلاوبحضور المحامي الذي بتعندك رفضت وجوده

ينفعل ويملأ المكتب صراخا :

مازلت تعارضني

بصوت هادئ زاد من استفزاز الوكيل وهيج انفعاله:

لن أجيب عن أي سؤال لأني تقدمت بطلب ردك لتحيز انت واقع فيه

مازال يصرخ ويتصرف بعنجهية وغرور طالبا من أحد الحراس الحضور:

يا عسكري خذه إلى الحجز فقد امرت بسجنه

بصوت متزن يجيب:

سيادة المحقق .. عفوا الوكيل أنت تخطئ وتصدر اوامر خارج صلاحيتك فقد رردتك لتحيزك للخصوم

مازال صارخا :

هيا انصرف لا تستفزني اكثر .. هيا يا عسكري خذه

ينهض من كرسيه وينصرف مع الحارس نحو الزنزانة في جانب من جوانب المبنى والجمع الواقف في الإنتظار في دهشة من تصرف الشخص المسؤول عن التحقيق وجميعهم يوجه بصره نحو بعض في استغراب وتعجب والعسكري يقود الشخص الذي كان جالسا على كرسي التحقيق حتى تواروا خلف بوابة الزنزانة .

يعاود المحقق بالصراخ ينادي على اسم اخر:

اين انت الم تسمع اسمك

الجمع في ترقب يدخل المنادى على اسمه ليبدأ حوار جديد بنفس الهيئة وعينا مسؤول التحقيق تقلب البصر في الحاضرين وحول في عينيه يجعل بياض عينيه بارزا ليزيد الموقف رهبة وتعقيد في نفوس الواقفين في طابور الإنتظار.

عصام مريسي