طرح الكاتب راشد معروف رؤية سياسية تدعو إلى إعادة صياغة مفهوم العاصمة اليمنية والابتعاد عن الإرث المركزي الذي ربط الدولة بصنعاء لعقود طويلة، مؤكداً أن هذا المفهوم تم ترسيخه من قبل الأنظمة السابقة بشكل جعل الكثيرين غير قادرين على تصور دولة بلا مركزية مفرطة أو عاصمة بديلة.
وأشار معروف في حديثه إلى أن الواقع السياسي والاقتصادي في اليمن يستدعي التفكير خارج الأطر التقليدية، معتبراً أن مدناً ساحلية مثل حضرموت أو الحديدة تمتلك من المقومات ما يجعلها خياراً مناسباً لعاصمة مستقبلية في إطار دولة فيدرالية. ولفت إلى أن هذه المحافظات تتميز بمساحات واسعة تسمح بالتوسع العمراني، وإمكانية جذب الاستثمارات، فضلًا عن قربها من الموانئ البحرية، وهو ما يمنحها ميزة اقتصادية ولوجستية واضحة.
وأضاف أن الطابع السلمي المستقر لأبناء هذه المناطق يمثل عاملاً مهماً لتعزيز بيئة آمنة وملائمة للنمو، مشيراً إلى أن حضرموت والحديدة عرفتا تاريخياً بالابتعاد عن النزاعات والثأرات، وأن السلوكيات السلبية التي ظهرت فيهما كانت غالباً “قادمة من الخارج”.
وأوضح معروف أن ربط مستقبل اليمن بتحرير صنعاء فقط يعوق عملية التفكير في حلول عملية وتمهيد الطريق لتسويات سياسية واقتصادية متوازنة، لافتاً إلى أن صنعاء—رغم رمزيتها—تفتقر إلى المقومات الاقتصادية الأساسية، ولا تمتلك موانئ أو مصادر للطاقة، وتعتمد في الكهرباء على محافظات أخرى.
وأكد الكاتب أن تركيز الخطاب الوطني على صنعاء وحدها منحها أحياناً دوراً يفوق وزنها الاقتصادي والفني، داعياً إلى تجاوز هذا الإرث والتركيز على الخيارات التي تمنح اليمن فرصة لتعزيز الاستقرار والتنمية، بعيداً عن “ابتزاز العاصمة”.
وختم معروف بالقول إن الزمن تغيّر، وإن التجربة أثبتت أن اليمن يمكن أن يتجاوز المركزية التقليدية نحو نموذج أكثر توازناً يتيح بناء دولة قادرة على النمو دون الارتهان لمفهوم العاصمة القديمة.