قدّم السياسي اليمني البارز عبدالملك المخلافي، مساء الخميس، سردًا مطوّلًا لخلفيات مواقفه السياسية منذ خمسة عقود، مؤكدًا أن ما يصدر عنه اليوم امتداد طبيعي لمسيرته الفكرية والتنظيمية، وللمبادئ التي تربّى عليها في المدرسة القومية العربية والتنظيم الناصري، ولخبرته في القانون والدبلوماسية والعمل السياسي.
وقال المخلافي إن أي دور لليمنيين في “وحدة الأمة العربية” لا يمكن أن يكون مقبولًا ما لم يكونوا قادرين على الدفاع عن وحدة بلدهم وبناء مؤسسات دولة تحترم الدستور وتستند إلى إرادة الناس، مشيرًا إلى أن تجربته الطويلة علمته أن “الدولة لا تُبنى بالشعارات، وأن العدالة نظام وضمانات، وأن القوة حين تنفلت تهدم الجميع”.
وأوضح أنه تعلّم من عمله في الخارجية والسياسة والقانون الدولي جوهر الدولة ومعنى الشرعية، والفارق بين النص وروح النص، وبين الحقوق المكتسبة بالنضال والحقوق التي يولد بها الإنسان ولا يجوز انتهاكها. وأضاف: “سيادة الدول ووحدة إقليمها ليست تفصيلًا سياسيًا، بل أساس استقرار النظام الدولي”.
وفي سياق حديثه عن محطات مسيرته، أكد المخلافي أنه وقف ضد حرب 1994 وما صاحبها من إقصاء ومظالم، وأن استقالته حينها من اللجنة العليا للانتخابات جاءت رفضًا لانتخابات “جسّدت التشطير لا الوحدة”. كما أشار إلى أنه دعم الحراك الجنوبي في بداياته ودافع عن حقوق الجنوبيين “لأنهم أهلي في الجذور والنسب والمعيشة”.
وفي الشأن الأوسع، قال المخلافي إنه كان ضد حرب 2015 التي فجّرها الحوثيون، وإنه لا يزال يناضل من أجل استعادة الدولة، رافضًا العنف كطريق لتحقيق المطالب السياسية، مضيفًا: “مثلما رفضنا الوحدة بالقوة، نرفض الانفصال بالقوة؛ فالقوة لا تقيم عدلًا ولا تبني وطنًا”.
واستعاد المخلافي موقفًا قديمًا له عكس طبيعة تفكيره السياسي، حين سئل في التسعينات عن سبب سعيه للتوفيق بين أطراف السلطة رغم كونه في المعارضة، فأجاب: “لا نريد أن نكسب موقفًا ضد السلطة إذا كنا سنخسر وطنًا”.
كما روى لقاءه عام 1999 بممثلين عن الحزب الكيبيكي الانفصالي في كندا، وكيف أعجب باحترامهم لإرادة الشعب وقبولهم بنتيجة الاستفتاء، قبل أن يقول لهم بحسرة: “من أين لنا حكومة كحكومتكم؟ ومن أين لنا أحزاب انفصالية كحزبكم؟”.
المخلافي أكد أنه احتفظ بعلاقات حوار واحترام مع مختلف القوى السياسية، بما فيها المجلس الانتقالي، “ما دام الحوار ممكنًا”، مستثنيًا الحوثيين الذين قال إنه واجه مشروعهم منذ لحظة خروجهم على نتائج الحوار الوطني، محملًا إياهم مسؤولية إنهاء الحوار في تصريح شهير نهاية أغسطس 2014.
وأشار إلى أنه دفع “أثمانًا باهظة” لمواقفه، شملت السجن والملاحقة والتشريد والنهب والاستيلاء على ممتلكاته، إضافة إلى حملات التشويه والاتهامات، لكنه بقي — كما يقول — منسجمًا مع مبادئه “لا أبالي بمن يغضب أو يرضى”.
وفي ختام بيانه، قال إنه يكتب للتوضيح بعد كثرة ما قيل علنًا وبالخاص حول مواقفه، مؤكدًا أن ما يطرحه اليوم ليس جديدًا بل امتداد لما عاشه وآمن به، مضيفًا:
“لمن يسألني لماذا أتحدث والآخرون صامتون، أقول: لا أستوحش طريق الحق لقلة سالكيه.”
غرفة الأخبار / عدن الغد