أكد العميد الركن محمد عبدالله الكميم أن تحميل رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد محمد العليمي مسؤولية الانهيار الذي تعيشه اليمن بشكل فردي يُعد تبسيطًا مخلًا لأزمة مركّبة، محذرًا من أن استهداف آخر واجهة قانونية للدولة في هذا التوقيت الحرج قد يقود إلى انهيار ما تبقى من فكرة الدولة نفسها.
وأوضح الكميم، في مقال تحليلي، أن موجة الغضب الشعبي والسياسي تجاه العليمي مفهومة ومشروعة في ظل التدهور الاقتصادي والخدمي وتعثّر المسار السياسي، إلا أن الخطورة تكمن في تحويل هذا الغضب إلى عملية هدم ممنهجة لآخر مظلة شرعية معترف بها دوليًا، وكأن إسقاطها سيعيد بناء الدولة أو يصحح المسار.
وأشار إلى أن العليمي لا يقود دولة مكتملة السيادة، بل يترأس كيانًا منقوص الصلاحيات، مفكك القرار، محاصرًا بتوازنات إقليمية معقدة، ومخترقًا بمشاريع متناقضة داخل معسكر الشرعية نفسه، ورغم ذلك يظل هذا الكيان – بكل هشاشته – آخر تمثيل قانوني للدولة اليمنية، وآخر إطار يُبقي الصراع ضمن حدود الدولة لا الميليشيات.
وشدد الكميم على أن تحطيم هذه الواجهة لا يُسقط شخصًا، بل يُسقط مفهوم الدولة ذاته، ويفتح الباب أمام شرعنة الأمر الواقع الحوثي، وتكريس مشاريع التفكيك، وتحويل اليمن إلى ساحة بلا مرجعية قانونية.
وبيّن أن من الحقائق التي يجري تجاهلها أن رشاد العليمي لا يمتلك قوة عسكرية خاصة، ولا يقود تشكيلًا مسلحًا، ولا يستند إلى ميليشيا أو ولاءات قبلية أو مناطقية، ما يجعله الأضعف من حيث أدوات القوة الخشنة، لكنه في المقابل الأكثر شرعية وقانونية في مشهد تُدار فيه السياسة بعدد البنادق.
ولفت إلى أن العليمي يُعرف بعقليته المؤسسية وهدوئه السياسي، وإلمامه العميق بتعقيدات الملف اليمني، وإيمانه بالاحتواء ولمّ الصفوف لا الإقصاء، وبالدولة كفكرة جامعة لا كأداة للهيمنة، إلا أن هذا النمط من القادة – بحسب الكميم – يصطدم ببيئة سياسية تُدار بمنطق القوة، خصوصًا عندما يُترك وحيدًا دون سند وطني حقيقي.
وأكد الكميم أن النقد حق وواجب، غير أن الانتقال من نقد الأداء إلى التخوين يمثل عجزًا عن تشخيص جوهر الأزمة، مشددًا على أن الفشل شيء والخيانة شيء آخر، والخلط بينهما يدمّر الوعي العام ولا يصحح المسار.
وتطرق إلى جملة من الإخفاقات القائمة، من بطء اتخاذ القرار، والتساهل مع أطراف ذات مشاريع مناهضة للدولة، والعجز عن فرض هيبة السلطة في بعض المناطق، والارتباك في إدارة الملفين الاقتصادي والخدمي، لكنه تساءل في المقابل: هل كان العليمي يمتلك الأدوات والصلاحيات الكافية ليكون غير ذلك في ظل حرب طويلة، وانقسام حاد، وتدخلات إقليمية، وشرعية قائمة على المحاصصة؟
وختم الكميم بالتأكيد على أن إنقاذ الدولة لا يمر عبر إسقاط العليمي، بل عبر تحمّل الجميع لمسؤولياتهم، وبناء اصطفاف وطني حقيقي تشارك فيه القيادات السياسية والأحزاب والمكونات الوطنية والمؤسسة العسكرية، محذرًا من أن خذلان العليمي في هذه اللحظة ليس عقابًا لفرد، بل هدية مجانية لكل من يعمل على إنهاء فكرة الجمهورية.