استضاف منتدى «عميد الوفاء» الثقافي بمدينة المكلا، محافظة حضرموت، الأكاديمي والباحث الأستاذ الدكتور محمود علي محسن السالمي، في فعالية ثقافية خُصصت لمناقشة التجربة السياسية لاتحاد الجنوب العربي «بين الطموح والتعثر»، قدّم خلالها قراءة تاريخية تحليلية لهذه التجربة، في سياقاتها الدولية والإقليمية، ومسارها السياسي، وأسباب تعثرها، وما أفرزته من نتائج.
واستعرض الدكتور السالمي، خلال الفعالية التي أدارها الأستاذ حسين المدني، وحضرها عدد من المثقفين والأكاديميين والمهتمين بالشأن التاريخي والسياسي، بدايات تشكّل اتحاد الجنوب العربي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وفي ظل تحولات دولية وإقليمية متسارعة، موضحاً أن بريطانيا أدركت آنذاك أن إدارتها التقليدية للكيانات المجزأة لم تعد كافية لحماية مصالحها الاستراتيجية في عدن والجنوب، خاصة مع تصاعد المد القومي العربي وتنامي التحديات السياسية والأمنية في المنطقة.
وأشار إلى أن المشروع الاتحادي واجه منذ بداياته عراقيل سياسية وبنيوية، تمثلت في تنافس حكام المحميات ورفض بعضهم له، و افتقاره للقبول الشعبي ، ومعارضة معظم القوى السياسية والنقابية التي عدّته كياناً يخدم المصالح البريطانية ويكرس الحكم التقليدي.
كما تناول الدكتور السالمي الطموحات السياسية التي رافقت تلك المرحلة، والعوامل الذاتية والموضوعية التي أسهمت في تعثر المشروع الاتحادي، مؤكداً أنه، ورغم فشله السياسي، مثّل اتحاد الجنوب العربي مرحلة انتقالية مهمة في تاريخ الجنوب، إذ نجح في توحيد معظم مناطقه ضمن إطار إداري واحد، وأسهم في إدخال بعض مظاهر الإدارة الحديثة وتحسين البنية التحتية، وكانت مؤسساته الإدارية والعسكرية والمالية قاعدة أساسية لدولة الاستقلال عام 1967م، ما يجعله حلقة مفصلية في تاريخ جنوب اليمن الحديث.
وتخللت الفعالية نقاشات ومداخلات شددت على أهمية استخلاص الدروس من تلك التجربة التاريخية، وضرورة قراءة الماضي قراءة علمية لفهم تعقيدات الحاضر واستشراف المستقبل، مؤكدة في الوقت ذاته أهمية التوثيق الأكاديمي المحايد لهذه المرحلة المفصلية من تاريخ الجنوب.
