تتصدى العديد من الجهات الحكومية والخاصة في بلادنا؛ لمكافحة الفساد بمختلف أنواعه (الإداري، المالي، السياسي .. إلخ)؛ من خلال تشخيص مظاهره، وتحليل أسبابه، وعوامله، ومظاهره، ورصد تداعياته المأساوية، على حياة المواطنين الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والأمنية.
زد إلى ذلك؛ خلق بيئة مناهضة لثقافة التسامح مع الفساد والفاسدين في أوساط المواطنين، خصوصاً الموظفين في الجهاز الإداري للدولة؛ تتعزز فيها قيم النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد.
كما تجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من الجهات المعنية بمكافحة الفساد في بلادنا، وتنقسم إلى قسمين رئيسيين؛ هما:
القسم الأول: الحكومية؛ مثل: مجلس النواب، والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، واللجنة العليا للمناقصات والمزايدات، والهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، ونيابة الأموال العامة، ومحاكم الأموال العامة، والسلطة المحلية، وغيرها.
القسم الثاني: الخاصة؛ مثل: ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ- ﻧﺴﻜﻮ ﻳﻤﻦ، ومنظمة برلمانيون يمنيون ضد الفساد، والتحالف اليمني للشفافية ومكافحة الفساد، وصحفيون لمناهضة الفسـاد Yemen JAC، والمنظمة اليمنية لمكافحة الفساد "حصاد"، ومنظمة "من أجل وطن خال من الفساد"، والمنظمة اليمنية لمكافحة الفساد (اوتاد–o-t-d)، وغيرها.
ماذا حققت تلك الجهات؟
إن الحقيقة الواضحة للعيان؛ هي أن الجهات المعنية بمكافحة الفساد في بلادنا؛ حققت بعض النتائج الملموسة في مجال مكافحة الفساد؛ مثل: كشف بعض مكامن الفساد في القطاع العام (الحكومي)، وتعرية وجوه بعض الفاسدين، وكذا التوعية للمجتمع بأخطار الفساد.
والأمر اللافت للنظر؛ أن دورها لا يزال محدوداً وقاصراً، عن تحقيق الغايات والأهداف المرجوة من إنشائها!.
الدور المطلوب منها
نأمل من الجهات المعنية بمكافحة الفساد؛ ألا تظل تردد الشعارات وترفع الرايات المنددة بالفساد، ومحاسبة الفاسدين، وتكتفي بذلك فقط!.
ولكن قبل هذا وذاك؛ فإن الأمر يتحتم عليها؛ أن تقوم بتحويل شعاراتها وأهدافها إلى برامج ملموسة في الواقع العملي، بالإضافة إلى القيام بحملة تطهير حقيقية لجهاز الدولة من الفاسدين، الذين يعيقون خطط وبرامج وجهود التنمية.
كما أرى أنه لا مانع من أن تستفيد من "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد"، و"اتفاقية الأمريكيتين لمكافحة الفساد"، و"اتفاقية المجلس الأوروبي للقانون الجنائي بشأن الفساد"، و"اتفاقية الاتحاد الأفريقي لمنع الفساد ومكافحته"، وغيرها؛ من أجل تأسيس تحالف واحد متين فيما بينها، والخروج باتفاقية موحدة لمكافحة الفساد في بلادنا؛ تعمل على كسب الوقت، وتوفير الجهد؛ لتحقيق الدور المطلوب منها؛ الذي يتمثل في رسم الخطط الناجعة والمؤثرة، واقتراح أفضل الطرق والأساليب، وفق رؤية علمية وتطبيقية؛ لمكافحة الفساد، ورصد أسبابه، ومظاهره، وآثاره، وتعقب مرتكبيه، وتقديمهم للقضاء؛ حفاظاً على المال العام، وحمايته من عبث الفاسدين، وضمان نجاح الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ لما فيه خير الوطن والمواطنين، حاضراً ومستقبلاً.