آخر تحديث :السبت-14 يونيو 2025-02:14ص

شارع المطار !

الإثنين - 08 سبتمبر 2014 - الساعة 08:00 م
د. أشرف الكبسي

بقلم: د. أشرف الكبسي
- ارشيف الكاتب


 

من هذا الشارع تحديدا تبدأ الحكاية ولا تنتهي.. من هنا يغادر احدنا صنعاء بحثا عن أمل ، وإلى هنا يعود بحثا بلا جدوى عن وطن..!  ذات مرة ، كتب أحدهم مغادرا: أقرب طريق إلى السعادة هو شارع المطار ..هذا ليس شارعا عاديا كما يبدو من وجه الأسفلت البائس، بل شاهدا حاضرا في محكمة الضمير على قبح أنظمة فاسدة ، ولصوصية حكومات تعاقبت مواكب نافذيها الفارهة ذهابا وإيابا على امتداد معاناته ، دونما خجل لفقره ، ورائحته المتعفنة قبل المنعطف (الروضي) الأخير !

 

من هنا وعلى نفقة الدولة يجتر أصحاب المعالي والفخامة ، أصدقاء السمو والجلالة ، كروشهم المنتفخة بالأكاذيب الدينية والمسروقات الوطنية صوب الخارج ، لبيع ما يمكن بيعه في مزاد السياسة ومتاحف النجاسة ، لعلاج أنوفهم المحمرة بالغطرسة حصريا على شعبهم ، لفعل كل قبيح بعيدا عن عيون الفضيلة المحلية ! ومن هنا تمر قوافل الباحثين عن دواء أخير لأحبتهم ، عند الفلس والرمق الأخير ، في مستشفيات الشرق الرخيصة بعد ما تبين لهم أن الطب المحلي ، مجرد غرفة طوارئ ريفية ، وأن الوطن يقدم للفقراء ، مع الفتاوى الدوغمائية والجمهورية الدنكشوتية ، خدمة مجانية وحيدة.. الموت بصمت في مقبرة جماعية !

 

إلى المطار تتجه أحلام الفرار الأخير نحو لقمة عيش ربما كانت تنتظر أحدهم في خبايا دول الجوار ، لكن وإلى المطار سرعان ما تعود قوافل الغربة.. ترحيل عمالة ، حافية القدمين ، بلا شعير أو كيل بعير ، تحمل فقط خيبة ظن بحجم جواز السفر وصواع الملك.! في هذه المدينة المنكوبة بحكامها ، لا وجود للمطار إلا على سبيل التشبيه وبعض المجاز ، حتى أن الطائرة القادمة ليلا تتبين بصعوبة ملامحه المظلمة في التضاؤل، على أطراف مدينة كأنما فرغ الظلام توا من ابتلاعها ، وبينما يتملك الكابتن فزع الهبوط ، يقسم موظف البرج الصغير: والله إن هذا مطار يا خبرة !

 

كنت اليوم هناك..قلقا وبلا ضغينة أتلمس فرص البقاء ، لم أكن احمل حقيبة سفر وتذكرة فرار، فقد تحول الشارع الشهير بالإخفاق الرسمي من الدرجة الأولى ، إلى انتفاضة شعبية ترفض العيش ، بلا نوايا حسنة ، في مقاعد الدرجة الثالثة.!

 

[email protected]