الشعب كلُّه جيش استراتيجية دفاعية تقوم بها الشعوب قليلة العدد للدفاع عن أوطانها ؛ طبَّقها أجدادنا خلال مئات السنين الماضية ، كان الجميع مُلزم بالذود عن الوطن ، بل والقيام بحملات تأدبية للغزاة إذا أعتدوا على أطراف البلاد . . . وأي شخص لديه عذر شخصي لم يكن معفي من الواجب المقدس ، بل كان يلتزم بنفقة كاملة لمقاتل تُسمَّى "زاد وزناد" . . . . أمَّا الشخص الذي يتخلف عن هذا الواجب فكان يسقط من أعين الناس ويسمّونه بعدها "الناقص" هكذا تنقص الرجولة عند الذي يتولي يوم الزحف للدفاع عن شرف الوطن .
وحيث أن دولة الوحدة عندما تمَّ إعلانها في ٢٢ مايو ١٩٩٠ أسقطت خدمة الدفاع الوطني عن الناس ، فقد استطاعت أن تخرج جيل بكامله عن شرف الاستعداد للدفاع عن الوطن ، لم يكن قراراً عشوائياً ، بل كان قراراً مدروساً بعناية . . . وقد نجحوا في ما أرادوه نجاح جزئي . . . واليوم علينا كسر هذه المؤامرة . ولن نتمكن من كسرها إلَّا باطلاق حملة توعية في كل وسائل الإعلام الجنوبية والبدأ في تطبيق استراتيجية "الشعب كلُّه جيش" فنحن اليوم في أمس الحاجة إليها...؟
فالتنظيمات الإرهابية عاثت في الأرض فساداً ، والإنفلات الأمني أصبح الجميع يئن منه ، والسلطة المركزية للدولة الإتحادية في صنعاء سقطت ، وأصبحت بين أنياب السباع تنوشها . . . وهاهو الحوثي قد وصل إب وتعز وخلال أيام سيعلن سقوطها ، وفي عدن بدأت عناصره في الظهور على السطح بعد أن كانت لسنوات تتحرك تحت الرماد . . . وقوات الأمن المركزي قد أعلنت قبل أسابيع إنضمامها لثورة الحوثي ، وبدلاً من قيامها بحماية المواطن أصبحت سيفاً مسلطاً على نحره ، وماهي إلَّا فترة من الزمن كي تقص رأس المواطن متى شاءت .
وهذه التهديدات لايمكن أن تقوم بمواجهتها قيادة المنطقة العسكرية بوحداتها المهلهلة ، الغير منضبطة لقيادة المنطقة ، والتي أغلب ضباطها وصف ضباطها وجنودها يدينون بالولاء للحوثي بحكم الإنتماء المذهبي والمناطقي ، وسوف يصبحون أدواته الماكنة في إخضاع وإهانة شعبنا العظيم .
ورسالة هذا المقال في المقام الأول موجَّة لقيادة المنطقة العسكرية ؛ عليها أن تقوم باستشارة المواطنين في المناطق المهددة بدخول الحوثي وعلى رأسها عدن ؛ هل يقبل بثورة الحوثي أم لا...؟ إذا كان الجواب "لا" وهو الجواب الذي أنا متيقن منه ، على القيادة البدأ مباشرة بتطبيق نظرية الشعب كله جيش ، عن طريق (١). فتح مراكز التسجيل لكل أبناء الشعب للانضمام لقوات الأحتياط الوطني ، وإعداد قاعدة بيانات تجمع فيها كل المعلومات عن الفرد المتقدم ، والتي على أساسها يمكن توزيع هؤلاء على القطاعات القتالية حسب تخصصاتهم (٢). فتح معسكرات تدريب الشباب وإعدادهم إعداداً أولياً يمكِّنهم من المشاركة في حماية البلاد متى اقتضت الحاجة .
فإذا تلكأت قيادة المنطقة وعجزت كما عهدناها ، فالواجب لايسقط ، بل ينتقل إلى غيرهم ، وفي رأيي الشخصي ينتقل واجب المبادرة إلى عاتق المجلس العسكري الجنوبي بقيادة القائد المعلم اللواء الركن جميل مكاوي ، وهو من علمناه قائداً ومعلماً تخرَّج على يديه أعظم قادة القوات المسلحة ؛ كهيثم قاسم ، وعبدالهادي ديان ، وعوض السنيدي ، ومحمود الصبيحي ، وأغلب زملائهم . . .
فإذا عجز المجلس العسكري بسبب حملة التشويه التي تعرَّض لها من الوزير محمد علي أحمد وفريقه ، بل حتى من الرئيس هادي شخصياً ، فالواجب كذلك لايسقط ، بل ينتقل إلى عاتق الشعب الجنوبي العظيم ؛ وعلى ساحة الاعتصام في خورمكسر القيام بالمهمة ، وقيادة الشعب للقيام بواجبه المقدس ، بالمبادرة باعداد قاعدة البيانات التي نحن في أمس الحاجة لها ، وتحفيز الناس ، وإعدادهم نفسياً ومعنوياً للدفاع عن أنفسهم ، وأموالهم ، وأعراضهم ، وأرضهم .
وهنا نتوقف لنوضح مفهوم "الشعب كلُّه جيش" فالمفهوم السائد لدى الناس أن جميع الجنود أو المقاتلين يطلقون الرصاص ، وهذا غير صحيح ؛ والصحيح أن السائق يقاتل ، والطباخ يقاتل ، والطبيب ، والممرض ، والمحاسب ، والحمَّال ، ومعبأ أكياس الرمل ، والسباك ، والكهربائي ...... إلى آخره. كلهم جنود يدخلون المعركة ويشتركون بالقتال دون أن يطلقوا الرصاص ، لكنَّهم جزء مهم في المعركة ؛ فبدونهم لايستطيع زميلهم الذي مهمته إطلاق النيران القيام بتخصصه بكفاءة ، بل قد لايصل إلى ٣٠٪ من القدرة على القيام بمهمته "إطلاق النار" وردع المعتدي . . . وعليه فعلى كل المواطنين رجالاً ونساءً التسابق لنيل شرف الاستعداد للدفاع عن الوطن . . . وكلما كان العدد كبيراً كلما تشكلت مهابة الردع ، واستطاع شعبنا التلويح بقوته ، وكما يُقال "التلويح بالقوة يوفر عليك استخدامها"
قال الشيخ الزعيم صالح عاطف
سلام ياموتة لها الرأس حن من أجل تبقى عدن من مات يهناه موته
عدن بركان يرمي حمم و من تعدَّى عمد منها سباره و قوته
وقد سمعت حنيناً في ساحة الاعتصام شنَّف أُذناي ، ورأيت آلاف الرؤوس توسَّدت الإحجار ، وأجسادٌ افترشت الثرى ، وأعين ترمق الأرض فرحاً ، بل تعانقها ، ولسان حالها "قريباً سنلتقي لقاءً ليس بعده من فراق" .
طيَّب الله أيامك أيُّها الشعب العظيم