اعتادت الأعراف الديمقراطية الأمريكية تقويم ومحاسبة الحكومة والإدارة الأمريكية بعد ثلاثة أشهر من تولي إدارة البيت الأبيض ، ولكن اليمن تحكمه نواميس شيطانية وأعراف فوق قبلية واجتماعية لن تأذن بالحكم على إدارة الرئيس هادي للفترة الانتقالية في ظل ثنائية مناصرة هادي والتبرير له ، يقابلها منطق قائم على النقد والشتم والرفض .
المقدمة الطللية التي اعتدنا سماعها بان الرئيس هادي ورثا بلدا مفككا مثقلا بالصراعات والتناقضات وغياب الدولة لن تتغير ؛ لتكريس وربط عقلية الماضي بالحاضر والمستقبل ، قبل الحكم بالرضاء أو الرفض على العهد الجديد نوضح المسلمات والثوابت التي سار عليها الرئيس هادي ومطبخه السياسي والإعلامي والقانوني ، إذا الحكم على السياسات والسلوك الرئاسي وتجاهل الأشخاص مدار التقويم والدارسة والاستشراف . ويمكن إجمال هذه الكليات التي تحكمت في مسار القطار الرئاسي في ثلاثة مسلمات :
أولا : الإغراق في الاعتماد على الشرعية الخارجية الإقليمية والدولية التي راهنت عليها القيادة الجديدة لإدارة المرحلة الانتقالية ، فالمندوب الدولي الاممي أدار المراحل الصعبة والمنعطفات للأزمة اليمنية ؛ ليعطي الرئيس شرعيته ويمدد فترته الانتقالية ويبارك القرارات الرئاسية التي تجاوزت ما تبقى من الدستور والمؤسسات ؛ لتتحول الرعاية الإقليمية والدولية من ضمانات دولية وإقليمية وتطمين للأطراف المتصارعة بالداخل إلى وصاية دولية وارتهان كامل للخارج في أصغر الأمور وأكبرها ؛ مما شجع انطلاقة ثورة الحوثيين المطالبة باستعادة السيادة والرهان على الشعب والداخل .
ثانيا : نقطة الضعف القوية في إدارة هادي للفترة الانتقالية ضعف المطبخ الرئاسي وترهله وتناقضه وارتباكه ومن يتابع القرارات الرئاسية وإدارة الأزمات التي واجهت العهد الجديد من أزمات وصراعات عسكرية وسياسية وحزبية ومناطقية ومذهبية ، سيرى ذلك بوضوح . فالمختصون في الشأن القانوني ذكروا بان اثنين وأربعين قرارا من قرارات هادي جاءت مخالفة للوائح والقوانين اليمنية التي تصدر على ضوئها ، كما أن قرار الجرعة الغريب والمتناقض وغير القانوني ، وما تلاها من ثورة الحوثي والشعب بإنشاء جبهة للاصطفاف الوطني لتدفع بتشطير المجتمع ودفعه للتناحر ليتواجه الشعب شارع بشارع ومظاهرة بمظاهرة .
ثالثا : العقلية القديمة التي تحكمت بالعهد الجديد ، فعلى الرغم من أن الرئيس أتي به ليقاطع مع فترة الحكم السابقة بعد ثورة فبراير ، إلا أن السياسات والممارسات كرست العقلية القديمة من تقريب الأقارب والأهل والعشيرة في المناصب العليا ، والتعامل مع المركز والحكومة والمحافظات بالمركزية نفسها ، وجرت كل المراحل بهذه الطريقة من الحوار الوطني وتشكيل حكومة الوفاق وتشكيل حكومة الكفاءات بترسيخ الفساد والولاء الشخصي والحزبي ، وتقديم أشخاص وقيادات لا تمثل المجتمع والأحزاب والقوى ، وخاصة في قضية الجنوب التي وصفت بالقضية الكبرى في الحوار الوطني .
في رأيي ما لم تتجاوز الإدارة الرئاسية هذه السياسات والسلوكيات المرتجلة من قبل العهد الجديد وقيادته ستظل اليمن ملعبا للصراع وإنتاج الأزمات وسنحتاج لمبادرة جديدة ثانية وثالثة ورابعة .