ذات مرة قابلته ، وكأني عرفت كنيته.. لحيته مضيئة كابتسامته ، وسجدة جبينه تقدمت سجادته ، في عينيه مسحة عبرة ، وبين يديه كتاب ومسبحة وغنة ، وكل أدوات أدعية الجنة.. ولأني لست كذلك ، تملكتني بعض حسرة..
- أتريد الجنة ؟
- ومن لا يريدها يا سيدي؟
- إتق الله واطعني.. آمن كما أؤمن ، وصل كما أصلي ، نكن أنا وأنت في الجنة كهاتين ، وأشار إلى إصبعيه ، حيث مذهب عقيقه وغموض خاتميه.!
لملمت دهشتي وخيبة ظني وبعض ذنبي ورحلت.. وكانت بركاته تلاحقني: عليك لعنتي يا أخي ، هل كفرت ؟
وبعد فترة..
محض صدفة ، رأيت صاحب اللحية المضيئة ، وقد أمسى دونما لحية ، وبلا سجدة ومسبحة وغنة ، ولأني كذلك ، تملكتني حيرة ، وبعض حسرة..
لم أعلم حينها أن شيخي الداعية ، أضحى وزيرا في الحكومة المتداعية !
مرت سنة أو اثنتين..
أشهر ونصف ثورتين..
فعادت لي دهشتي ولصاحبي لحيته ، وسجدة جبينه وعقيق مسبحته وكل غنته ، وقبل أن تتملكني كعادتي بعض حسرة ، رمقني بخبث ، وأرسل نحوي مفخخاً يجرني جراً إلى الجنة..
أنفجر حزام المريد الناسف ، بلا مقدمات ، كمعذرة أو أنا آسف ، وامتلكني يقين حائر ، ورحلت بصمت.. وهذه المرة ، دونما حسرة !