آخر تحديث :الجمعة-02 مايو 2025-07:28م

نحو مجتمع رياضي عالمي خالٍ من الفساد

الأربعاء - 11 مارس 2015 - الساعة 10:37 ص
فوزي أمين العزي

بقلم: فوزي أمين العزي
- ارشيف الكاتب


تضطلع المؤسسات الرياضية الحكومية والخاصة في كل دول العالم، بما يناط بها من مهام جسام و مسؤوليات متعددة؛ من رسم السياسات الرياضية الرشيدة، وانتهاج السبل الصحيحة لتنفيذها على أرض الواقع؛ بهدف تطوير مستويات منتخباتها الرياضية، والوصول بها إلى وضع أفضل، بالإضافة إلى احتواء النشء والشباب، وشغل أوقات فراغهم، بما يعود عليهم، وعلى مجتمعاتهم بالنفع والفائدة.

وإن الناظر إلى الرياضة اليوم؛ سيجد أنها غير محصورة في لعبة معينة؛ بل تشمل ألعاباً متنوعة، مثل (كرة القدم، كرة الطائرة، كرة السلة، الجمباز، تنس الطاولة، كرة المضرب، الجودو، الملاكمة، الكاراتيه، التايكوندو، المصارعة، الشطرنج، رفع الأثقال، سباق السيارات والدراجات والزوارق المائية، سباق الفروسية وسباقات الهجن، السباحة، ألعاب القوى، والتايكواندو... إلخ).

أنواع الفساد الرياضي

بيد أن العيب كل العيب؛ أن نرى مشهدًا عجيبًا على مسرح بعض المؤسسات الرياضية في بعض الدول؛ حيث تظهر الرياضة في وضع سيء ومُتردٍّ، وتمر بأزمة شديدة، وأضحت تركة مثقلة بالتبعات، وأصبح مصيرها مجهولا؛ جراء الانتكاسات والهزائم والإخفاقات المتتالية التي تواجهها.

والسبب الحقيقي وراء ذلك؛ هو الفساد الرياضي (Corruption Sports)- بنوعيه المالي والإداري- الذي استشرى في تلك المؤسسات؛ وقد تمثل في أشكال شتى؛ كسوء الإدارة، وعشوائية التخطيط، وانتهاج سياسات خاطئة وفاشلة، وضعف البنية التحتية في الأندية، وصرف الأموال الطائلة على وجه غير صحيح، وتفشي الرشوة والمحسوبية، وتزوير نتائج الانتخابات في الاتحادات والأندية، وإفساد المباريات أو التلاعب بنتائجها، وفقدان الأخلاق الرياضية، وسلب حقوق الرياضيين، وقلة المدربين الأكفاء الناجحين والمؤهلين، وتهميش الإعلام الرياضي، وغيرها. 

من المتورط فيه؟!

بناءً على الحقائق والشواهد الأولية؛ فإن أصابع الاتهام تشير إلى تورط بعض مسئولي المؤسسات الرياضية، الذين وقعوا في الفساد الرياضي، وتنصلوا عن أداء واجبهم الحقيقي؛ لأنهم لم يعرفوا أسس العمل الرياضي، ونسوا أن يقتنوا كتاب "قاموس المصطلحات الرياضية (Glossary of Sports Terms)"؛ لكي يساعدهم على تحقيق فهم أعمق للغة الرياضية الصحيحة!!

معطيات كثيرة تتكشف للمتابع للوسط الرياضي، وهو يستمع إلى التصريحات الإعلامية التي يدلي بها بعض أولئك المسئولين؛ حول تدهور الرياضة في بلادنا، وأسباب فشل منتخباتهم الوطنية أمام العديد من المنتخبات الأخرى، ويبررون ذلك بأسباب واهية غير منطقية، وهي في الحقيقة ليست إلا مجرد زوابع للإثارة الإعلامية فقط!.. وهذا يدل على عدم شفافيتهم ومصداقيتهم، بل إن ذلك يشبه النكتة السمجة التي لم تعد تضحك أحداً، والأكذوبة التي لن تنطلي إلا على السذج من العوام!.

المثير للدهشة أن الجماهير الرياضية تعرف ذلك!.. فعلى من يكذبون؟!.. ولماذا يزيفون الحقائق؟!.. ومتى سيضعون النقاط في مواضعها؟!

علماً إنني لم أتهمهم بسوء النية؛ فالنيات لا يعلمها إلا الله تعالى وحده، وبعض الظن إثم؛ ولكنني أتهمهم بالوقوع في مستنقع الفساد؛ الذي أصاب الرياضة بالركود والعُقم، وجعلها لعبة بلا روح رياضية!

وثمة أمر لابد من التنويه إليه؛ وهو أنهم مصابون بحالة من الارتجاليّة، وأصبحت أقوالهم تتناقض مع أفعالهم. كما أنهم مازالوا مخدرين بأحلام اليقظة، وقد اصطنعوا إنجازات كاذبة وبطولات وهمية، ولم يدركوا بعد أنهم قد عملوا على الإجهاز على الرياضة؛ حتى صارت جثة هامدة، مرمية في دائرة النسيان!

وسائل مكافحته

هناك العديد من الطرق لمكافحة الفساد الرياضي؛ منها: القضاء على الفساد المالي والإداري، وأشكالهما المختلفة، التي ذكرناها آنفًا، بالإضافة إلى كشف المتورطين فيه بالوثائق والأدلة، وتقديمهم إلى القضاء؛ ليأخذوا العقاب الرادع.

كذلك لا ننسى الدور المهم لوسائل الإعلام المتنوعة المقروء والمسموعة والمرئية؛ من الإسهام في توعية المجتمع وتثقيفه، وتحذيره من خطورة ذلك الفساد، وآثاره السلبية، وكشف مكامنه، والإطاحة بكل رموزه في الوسط الرياضي.

نتائجه الملموسة

إن مكافحة الفساد الرياضي؛ تفرز نتائج إيجابية، مضمونة وملموسة؛ ومن أهمها: تشجيع الاستثمار في مجال البنية التحتية الرياضية، وتوفير الإمكانات المادية والبشرية والمعنوية اللازمة، ووضع خطط عمل شاملة، ذات أبعاد عميقة؛ تُنفذ على أرض الواقع المعاش، وألا تظل حبرًا على ورق؛ بهدف إحداث نهضة رياضية في مجتمعاتنا، في المستقبل القريب، والارتقاء بالمنتخبات الرياضية؛ لكي تدخل في منافسة جادة وقوية فيما بينها، وتحصد العديد من الكؤوس والميداليات، وترفع أعلام بلدانها عالية خفاقة مرفرفة، في سماء البطولات العالمية، يتناسب ومكانتها التاريخية والحضارية؛ فضًلا عن الارتقاء بالمنظومة الرياضة إلى مستوى عالٍ جدًا.

ختاماً

نأمل من القائمين على المؤسسات الرياضية الحكومية والخاصة والجماهير الرياضية ووسائل الإعلام المختلفة- خصوصاً الرياضية منها-، في كل دول العالم؛ أن تتضافر جهودهم، ويكونوا يدًا واحدة؛ بهدف مكافحة الفساد الرياضي بمختلف أشكاله، والارتقاء بالمنظومة الرياضة إلى مستوى عالٍ جدًا؛ من أجل الوصول إلى (مجتمع رياضي عالمي خالٍ من الفساد).