الوضع السياسي المعقّد والمتداخل في الجنوب واليمن غيّب ملامح المشهد الفعلي الراهن وكان من نتيجته هذا الأداء السياسي الفاشل والباهت للجنوبيين. نصر عسكري كبير لمقاومته الباسلة واوراق سياسية حاسمة لم تجد من يستخدمها. بكل اسف ما حصل هو العكس حيث منحنا كل هذه الأسلحة لأعدائنا يستخدمونها ضد الجنوب وشعبه بكل احتراف.. بدون أي تعقيدات ولن اترك من لا يعي ذلك ان يجهد دماغه في البحث والاستنتاج، ف الإرهابي علي محسن الأحمر وافراد عصابته من الجنوبيين كالعيسي وجلال هادي وبن عرب وغيرهم يستخدمون الثروة الجنوبية وانتصارات المقاومة الجنوبية ودماء شباب الجنوب وموانئ واراضي الجنوب الشاسعة وموقعه الاستراتيجي للضغط على الحوثي وابتزازه. يساومون الحوثي الذي اجتثهم ورماهم الى فنادق الرياض وأبو ظبي وتركيا وهم لا يملكون أي ارض يستقيمون عليها ولا أي قوة يستخدمونها سواء كلما هو جنوبي من ثروة ودماء من اجل فرض شروط وقف الحرب والتسوية التي تعيدهم الى السلطة. تسوية تستبعد كل ما هو جنوبي وتتنكر لحقوق شعب الجنوب وقضيته وثورته وحراكه بإصرار التحالف العربي وبدعمه وإسناده بكل صلف ووقاحة لفرض عصابة شرعية التحالف التي لا تملك أي شرعية لافي الشمال ولا في الجنوب، عصابة ليس بمقدورها حتى اختيار فنادق الإقامة التي طال امدها فيها.
ما الذي يدفع بالجنوبيين لالتقاط الصور مع المبعوث الدولي والسعي المحموم واستجداء حضور محافل الحوار بين فرقاء الصراع اليمني اليمني الذي ليس لنا فيه كجنوبيين ناقة ولا جمل.. إنهم يتصارعون حول كرسي السلطة في صنعاء ويتفقون جميعا على ان الجنوب هو الغنيمة التاريخية التي لن يفرطوا بها.. ما الذي يدفعنا لدعم أحد فرقاء الصراع اليمني اليمني والوقوف ضد آخر دون أي مقابل إلا إذا كان قد فاتني ان الإرهابي علي محسن والمجرم طارق عفاش قد تابا توبة نصوحا وصارا حلفاء القضية الجنوبية!! سنحضر كجنوبيين في هذا المحفل التفاوضي الذي تحكمه المرجعيات الثلاث وهي الحوار الوطني اليمني الفاشل والمبادرة الخليجية سيئة الصيت واثنانهما قادا الى هذه الحرب المستعرة يضاف لهما القرار الدولي المدفوع الأجر والذي يقضي بعودة السلطة التي تسمي نفسها بالشرعية.. ما علاقة الجنوبيين بحوار كهذا سوى انهم سيحضرون كشهود زور لمنح نتائج هذه المفاوضات المشروعية دون أي مكاسب وهو امر رفضه الجنوبيون بشده في 2012م. حذاري أيها المكفولين من محاولة استغباء الجنوبيين بالكذب وذر الرماد على العيون فأي مفاوضات مهما كانت عادة يحضّر لها الوسطاء مع الفرقاء ويمهّد لها مسبقا عبر اجراء المشاورات حول تفاصيلها وطبيعتها وهذا لم يتم مناقشته مع أي طرف جنوبي لا سرا ولا علانية، فما الذي يدفعنا للقبول بالحضور والمشاركة؟! ولكن حسنا فعل الكفيل وجنبنا دون ان يعلم مستقبل كارثي هو يريده لنا وقرر اننا كجنوبيين قصّر غير معنيين كوننا مكفولين والكفيل هو من يرعى مصالحنا، واوهم نفسه بأننا صدّقنا بأن عبدربه ركب رأسه وقرر عدم حضورنا المفاوضات!! ما كل هذا الجبروت أيها "الدنبوع" العظيم، يا " فورهور" القرن الواحد والعشرين!! هذه كذبة لا تقل سماجة عن كذبة اعتبار طارق عفاش وعلي محسن الاحمر أصدقاء علينا التقرب منهما والتضرع لهما بالقرابين من دماء آلاف الشباب الجنوبي المغدور.
وعليه فإن الجنوبيون اليوم إذا ارادوا ان يضعوا قاطرة ثورتهم في سكتها ان يستخدموا هذه الاوراق التي يمتلكونها وهي كثيرة والحمد لله في معركتهم المصيرية عبر اجتثاث عصابة شرعية التحالف من الجنوب دون ابطاء وعبر التحرر من قيود الكفيل وايقاظ المكفولين من غيهم فالقبول بسياسة الكفيل والمكفول اثبتت فشلها خلال الثلاث السنوات الماضية، ثم فرض سلطة الامر الواقع في الجنوب وحينها الذهاب للحوار الحقيقي والفعلي والواقعي بين الجنوب كجنوب والشمال كشمال فقط. سلطة الامر الواقع في الشمال يعترف بها اليوم رسميا المجتمع الدولي والمبعوث الدولي وهم الحوثيين رغم كل الدعاوي الإقليمية والدولية بعدم شرعيتهم فلماذا لا يعترفوا بنا كجنوبيين رغم كل مشروعيتنا؟ بكل تأكيد لأن الكفيل والمكفول يستغفلونا ويكذبون علينا بان الامر ليس وقته!! في الحقيقة لا وقت أنسب مما هو عليه اليوم وإذا ضاعت منا الفرصة فلن تأتينا مرة أخرى. يجب ان نفرض أنفسنا نحن كجنوبيين وكسلطة الأمر الواقع في الجنوب عبر العودة لانتفاضة الشارع المباركة وبكل السبل المتاحة وهي عديدة وهنا سيعترف العالم بوجود الجنوبيين وسنمهد لحوار يقود الى وقف الحرب وحل القضايا الرئيسة وفي مقدمتها نكبة شعب الجنوب وسينجح الحوار لأنه سيكون قائما على معطيات موضوعية وليست متخيلة او مصطنعة تحاول تصميمها دول التحالف دون ان تنجح بما يخدم مصالحها التي ستقوم دون أدني على بؤس شعبنا ودمار وطننا الجنوب العربي ليس إلا.
وأخيرا أتساءل، هل اعتبار بعض النخب الجنوبية حضور هذه المفاوضات أولوية وهدف استراتيجي لها يعد غباء سياسي ام موقف مدفوع الثمن؟ بالطبع الإجابة بالنسبة لي لن تكون بعيدة عن أحد هذين الاحتمالين الكارثيين وربما كليهما، ولكن مادام واني قد وضعت هذا التساؤل فمن باب أولى ان اترك الإجابة لأولو الشأن منهم!!