آخر تحديث :الأربعاء-14 مايو 2025-01:23م

من المستفيد؟

الجمعة - 12 يوليو 2019 - الساعة 01:10 ص
سالم المصري

بقلم: سالم المصري
- ارشيف الكاتب


 

عندما بدأت اتعلم الحروف الأبجدية في صغري وحفظت أول أربعة حروف لكلمة طريق سألت والدي والذي كان حينها يشغل مدير مكتب الصحة في مديرية جيشان، لماذا جيشان لايوجد بها طريق مسفلت؟ أخبرني حينها بأن ذلك يرجع للسلطة المحلية بالمديرية، موضحا لي بأنهم يقدمون طلب للحكومة بصنعاء من أجل البت في مشروع طريق أسفلت للمديرية، وخلال سنوات قليلة يأتي إلينا اللون الأسود في أبهى حلة، دخلت الاعدادية وكتبت على دفتري بالقلم الرصاص لم يأتي بعد الطريق.

كنت أغلب الأوقات انام بجانب والدي، وفي كل مرة اسمع صوت من بعيد ومع اقتراب الصوت حتى يصل إلى الباب ويطرق الباب بشكل متسارع وكأن الطارق قد تكالبت عليه من كل مكان، هل أنا في حلم؟ أسأل نفسي! لا، بل لقد أتى لوالدي نعم لقد جاء من أجل والدي يريد منه أن ينقذ مريضا، فوالدي برغم أن شهادتي فيه مجروحة إلا أنه قدم لمديرية جيشان مالم يقدمه احد.

فتح والدي الباب، قال الطارق: الدكتور أحمد المصري معي حالة حرجة وأريد منك أن تأتي معي للبيت للكشف عنها، ذهب والدي مع الطارق وأدركت أنا بأني لم أكن في حلم، لقد كان ذلك الصوت حقيقي وكان يستغيث، لقد أمضى والدي حياته في مديرية جيشان وفي خدمتها وخدمة أبناءها حتى تقاعد.

تنقلات والدي بين مناطق تلك المديرية المنسية التي لايدري عنها أي مسؤول ولا تدري عنها منظمات المجتمع المدني إلا ماندر، دائماً ما يعود والدي منهك كثيراً ليس لما قدمه في خدمة المريض ولكن من صعوبة التنقل بسبب وعورة الطرق التي في المديرية، ناهيك عن لو تم نقل المريض إلى محافظة أخرى فهنا تبدأ معاناة المريض في طريق وعر وقد توافيه المنية لتأخره للوصول إلى مراده بسبب وعورة الطريق الذي يربط المديرية بالمدن الأخرى.

انتقلت للعيش في مديرية لودر ودرست الابتدائية والثانوية وها أنا قد أكملت الجامعة ومازال الطريق في طي النسيان، لا أخفيكم سراً بأنني فكرت كثيراً من أجل كتابة هذا المقال لأسباب كثيرة، ولكن قد طفح الكيل وأصبح لزاماً على السلطة المحلية ان تبين ماذا قدمت خلال سنوات مضت حيال ذلك.

تذكرني حكاية طريق جيشان بطريق البحري في عدن منذ سنوات يتم صرف له ميزانية ضخمة حتى يتم استكماله وللحظة لم يتم ذلك والميزانية مصيرها الضياع بسبب الفساد المستشري، وطريق جيشان بالمثل نسمع أنه تم صرف له ميزانية من أجل سفلتته ولكن دون جدوى ويصبح مصير هذه المشاريع في مهب الريح، نريد بادرة حقيقية من السلطة المحلية حول الموضوع، او نبدأ بالتصعيد إعلامياً حتى نرى حقيقة مايجري خلف الكواليس.