آخر تحديث :الثلاثاء-13 مايو 2025-11:17م
أخبار وتقارير

الرجل الذي حفظ الاقتصاد اليمني لسنوات : على (حصير) بن هُمام

الثلاثاء - 13 مايو 2025 - 06:30 م بتوقيت عدن
الرجل الذي حفظ الاقتصاد اليمني لسنوات : على (حصير) بن هُمام
كتابات شخصية

يحفظ البنك المركزي واقتصاد البلاد عامة في العقدين الأخيرين اسم الأستاذ محمد عوض بن همام جيدا، حكيم الإقتصاد اليمني كما يلقّبه بعض خبراء المال والأعمال..


الرجل الذي حفظ للريال اليمني مكانته ماستطاع إلى ذلك سبيلا وقت انهيار البلاد في دوامة الحرب والإنقلاب الحو*ثي، يوم أن كان محافظا للبنك، والمشهود بنزاهته ووطنيته وحنكته.


اليوم ومع التدهور المخيف للعملة، حرصت على زيارة الأستاذ الكبير في مدينة (غيل باوزير) للاستماع الى وجهة نظرة وقراءته للمشهد، وعبر تنسيق الأستاذ العزيز طارق باحشوان مع أحد أقرباء الأستاذ بن همام، أخبرنا عن رغبتنا هل تكون الزيارة رسمية إلى البيت، أم يمكننا الإنضمام إلى جلسته الأسبوعية تحت بيت العائلة مع مجموعة من أصهاره وابنائهم، وبكل تأكيد اخترنا المقترح الثاني.


بعد صلاة عصر الجمعة في (جامع ذهبان) المعروف في الغيل، خرجنا على أصوات (عدّة الشبواني) وانغام رقصتها الشهيرة بصفوف رجالها وعصيّهم وعمائمهم الحمراء..

كان الأستاذ بن همام على جانب تلك الصفوف مستمتعا بين الجموع، يشاركهم أفراحهم يسلم عليه الصغير والكبير.. حضرنا معه جانبا من تلك الأجواء، ثم انطلقنا الى مكان جلسته عند بيت (آل حمران).


طلب الأستاذ بكل بساطة وعفوية من أحد الشباب إحضار (الحصير الأزرق) ثم مدّ يده يساعد في فرشه !!

اليد ذاتها التي كانت توقع على مئات الملايين وعلى شيكات خزينة الدولة.. وفئات العملة اليمنية..

يؤشّر بها هذه المرة بتواضع وابتسامة ويدعوني للجلوس إلى جواره وأنا منبهر ولا أكاد أصدّق !


سألته عن حاله وصحته بعد عودته من رحلة العمرة، أخبرني انه لايحتمل البعد طويلا عن غيل باوزير، ولايطيب له المُقام في غيرها، على الرغم من دعوة ابنائه للعيش معهم خارج البلاد.. فهو يتردد عليهم بالزيارة فقط من وقت لآخر.


كان واضح على الأستاذ ألمه على الواقع الذي وصل إليه الحال، فسألته كيف يقرأ الواقع كخبير اقتصادي؟


قال الأستاذ: الإقتصاد عبارة عن ارقام، واليوم للأسف لا توجد قواعد بيانات دقيقة وواضحة، لذلك لا يمكن تقديم قراءة صحيحة للمشهد، ومن الصعوبة تقديم تفسير علمي لما هو حاصل.

القاعدة غير متماسكة - واشار بكفه يتلاعب بها يمينا وشمالا - وكأنه يقول رخوة لايمكن معرفة ملامحها أو البناء والوقوف عليها، لا توجد قيادة واحدة ولا متصرف واحد، مايجري عبارة عن عبث وفوضى مؤلمة.


سألته، لو أردنا القيام بعملية انقاذية عاجلة وايقاف تهاوي العملة، ما هي أول خطوة ؟


أجاب بدون تردد: لايمكن الحديث عن أي تحسين اقتصادي الا بصلاح الوضع السياسي والأمني، الاستقرار السياسي والأمني هو المدخل لأي حديث عن معالجات الوضع الاقتصادي، بعد ذلك ممكن ان نتحدث عن خطط الإصلاح المالي والإداري والاستثمار وتعزيز العملة وعملية الانعاش والتعافي تدريجيا.

كان الأستاذ حريص على كلماته، وهو كما أخبرني لايميل إلى أي ظهور إعلامي بأي شكل من الأشكال.. لذلك لم اثقل عليه بكثير من الأسئلة ورحت في حديث ودّي نستذكر بعض من سنوات دراسته في عدن إلى الجامعة الأمريكية في بيروت ومحطات كثيرة من سيرته التي يراها تجربة عادية جدا.. لا تستحق أن توثّق أو تحفظ !!


مدرسة فاضلة انقرضت رموزها يمثّلها الأستاذ الكبير بن همام، يعرفه صندوق النقد الدولي، وخبراء الاقتصاد في أمريكا واليابان يوم أن كان حاضرا في مؤتمراتها مشاركا ومناقشا..

لم يركب سيارة فارهة طيلة حياته، ولم تحط به الحراسات، ولم تغيره المناصب والمراتب..

ومن المعروف عنه أنه يتحمّل كثيرا بالمسؤلية التي توكل إليه، وتؤثر على صحته ونفسيته، لذلك اعتذر مؤخرا عن كثير من المناصب الرسمية التي عرضت عليه.. فعمره لم يعد يسمح له بذلك،

لكنه حاضرٌ لأي استشارة أو نصيحة تُطلب منه فقلبه مازال على الوطن.


غادرته وأثر الحصير على كف قدمه، كحال الرعيل الأول بحق..


هل من يأخذ بدرسٍ واحد فقط من مدرسة بن هُمام الفاضلة ؟!


* أيمن باحميد