آخر تحديث :الخميس-23 أكتوبر 2025-01:02ص

ركام!!!

السبت - 18 يوليو 2020 - الساعة 12:45 ص
حمزة السروري

بقلم: حمزة السروري
- ارشيف الكاتب


 

في الثلث الأخير من الليل ..
في أحد ليالي كانون الشتوية ...
الغيم كافر النجوم ...
والقمر يلوّح لنا بيده من نقطة الوداع الأخيرة ...
والطلُّ ما كان إلا دموع حزنٍ منسكبةً من مقلتي (سهيل).....
القرُّ يدبُّ في نخاع عظامي...
الكون ملتبس الظلام ...
الصمت سيد الموقف......
الهدوء مسيطر على كل شي عدا أنا ، كنت حينها أعيش حرباً ظروسة ...
وفي أعماقي ضوضاء تبعثرني كلما حاولت أن استجمع أفكاري الراحلة على براق الخيال ....
وفي الاذنين صدى لخليط من الأصوات متجانسة النبرة تحمل عبئ البوح بحزنٍ يشوي الأحشاء بناره المضرمة..
كان أولها صوت صراخ الطفل الرضيع (كرب) الذي قُتلت أمُه بطلقة نار طائشة مخلفةً وراءها (كرب) ابن السبعة الأشهر يبكي مرةً جوعاً وأخرى رثاءً ...
ولولا أنه مازال بالمهد لكنتُ سمعت منه أشد من ما قال ابن الرومي في رثاء إبنه الأوسط.
لم يغيب صدى ذلك الصوت ليزور خيالي آلافُ الأصوات ميقضة في صميمي أحزان سرمدية وهموم أزلية.
طال الليل ...!!
الساعة تمرُّ كأنها دهر...!!
وكأن العقارب توقفت لتدسّ سمَّ الوجوم في حلقي ...!!
صانعةً مني إنساناً فراشه بقايا حطام لأماني متناثرة بين ذرات رمل وطني المكلوم..
مُدثّرا بالوصب وملتحف الوهن.
بعد طول إنتظار ...
ابتسمت السماء بصبحٍ هزيل ....!!
كانت عليه آثار الإعاقة ...
لم يكن كأي صباح.....!!
إنه غريب .....!!!!!
لقد أتى بهالةٍ متوهجة.....
ونجومٍ مشرئبةٍ نحونا بوجهٍ يكسوه الشحوب .....
وشمسٍ مكسفةٍ كليا ....
متنفساً رائحة الدم بدلاً من شذى الياسمين .
هكذا أوشك عمرنا أن ينقضي...
كل ليلة أشد ألما من ما سبق ..
كلما انتظرنا فرجاً ازادونا كرباً...
نفرُّ من عتمة إلى عتمة...
كلما حبلت أيامنا بحلم أجهضته نوائبُ الدنيا .....
ما بقى لنا سوى البكاء أنيس.