آخر تحديث :الإثنين-01 سبتمبر 2025-07:01م

الحرب الاقتصادية الناعمة..المضاربة على العملة أنموذجا

السبت - 07 أغسطس 2021 - الساعة 01:46 م
فارس النجار

بقلم: فارس النجار
- ارشيف الكاتب


الحروب التي شهدها عالمنا قبل ظهور التكنولوجيا الحديثة كانت تندرج نحو مفهوم واحد وهو الحرب الصلبة ورغم خطورتها إلا أنها كانت معروفة ومحددة من حيث وضوح أطراف النزاع وساحاتها القتالية.

ومع تطور التكنولوجيا أصبح العالم يستخدم أساليب وأدوات مختلفة لكسب اي معركة تعزز من دورة ونفوذه وهذا ما يعرف بالحرب الناعمة فبالرغم من ليونة مصطلحها الا انها اشد فتكا وضراوة فهي تطال الجميع في صراع شديد متعدد الأوجه والمتغيرات!.

ولعل الحرب الاقتصادية هي أبرز أوجه الحرب الناعمة التي يسعى لاعبوها في الحالة اليمنية اليوم الى تحقيق مكاسب طائلة جراء انشطة المضاربة على العملة، السوق السوداء، شبكات التهريب وغسيل الأموال .

ومن خلالها يتم استخدام الاقتصاد كأداة لإرضاء الخصوم وتحقيق مكاسب سياسية

وما يجعل هذه الحرب أكثر تعقيدا أنها تنشأ في وضع هش يغيب فيه دور أجهزة الدولة الرقابية والاستخباراتية

 ويتلاشى القطاع الخاص النظيف مقابل ظهور تكونات اقتصادية موازية تعصف بالاقتصاد الوطني وتجعله خاضع بشكل تام لقوى الظل التي تتلاعب به عبر شبكتها العنكبوتية القذرة!.

مازاد من خطورة الامر هو ان هذه الحرب تستخدم تكنولوجيا التواصل الحديثة وتطبيقاتها وهذا ما يجعل مراقبتها في ظل غياب الامن المعلوماتي والقومي صعب للغاية.

فلو تابعنا التدهور الكبير الذي تشهده العملة الوطنية عن كثب ستجد بأن المضاربين وشبكات التهريب وغسيل الأموال كانوا لهم دورا بارزا في هذا التدهور من  اتجاهين مختلفين:

الأولى: تتمثل في  شركات الصرافة والمضاربين، شبكات التهريب وغسيل الاموال التي تتبع جماعة الحوثي الانقلابية ويديرها ويحدد تحركاتها خبراء ايرانين فهي امتداد لمثلث الشر الحرس الثوري الإيراني- حزب الله - الحوثيين.

الثاني: تتمثل في شركات الصرافة والمضاربين،  شبكات التهريب وغسيل الاموال التي تتبع قوى النفوذ السياسي والعسكري والتي جعلت من هذه الشبكات وسيلة لتبييض أموالها التي جنتها من الكسب الغير مشروع  وفي ظل هذه المعطيات فإن أي جهود لاعادة بناء مؤسسات الدولة تجعل هذه القوى اول المستنفرين لاجهاضها والشواهد في واقعنا اليوم واضحة وجلية .

الا ان التسليم بأن الأمر قد انتهى وأن هذه القوى لا يمكن القضاء عليها مفهوم خاطئ يعتريه السلبية والتفكير السطحي الذي يقبل بالنهايات المسيئة للوطن والتاريخ!.

لذا فإن الواقع يحتم علينا الانتقال الى مرحلة جديدة من المواجهة تكون فيها الدولة والمجتمع صفا واحدا وهذا لايأتي إلا بصناعة وعي جماهيري كبير بماهية الحالة الاقتصادية اليمنية وأسبابها ووسائل حربها وتوجيهه عبر جماعات الضغط ومنظمات المجتمع المدني نحو تشكيل حالة من الرقابة المجتمعية التي تواجه هذه الحرب الاقتصادية ومنتسبيها وتجعلهم مكشوفين للمجتمع والعالم ! والخطوة الاولى تبدأ بكشفهم اعلاميا ومجتمعيا ورفض التعامل معهم!.

ان تشكيل حالة من الوعي والثقافة مجتمعيا تجاه محاربة الفساد ورفضه تنشئ جيلا يحترم القانون ويتعامل معه كأسلوب حياة ومنهاج يقاوم به قوى الشر والظلام لذا فإن دور الإعلام الوطني ومنظمات المجتمع المدني يجب ان يكون حاضر ولو غاب الجميع! .

فالاعلام والمجتمع المدني بمؤسساته المختلفة ونقاباتهم المهنية والعمالية الغير مسيسة هي الملاذ الاخير لكسر الجمود واحداث التغيير الذي يتطلع اليه ابناء شعبنا اليمني العظيم.