المساحة الرمادية التي تحدث عنها الأستاذ / فتحي بن لزرق سمة أساسية في مشاريع إدارات الرأسمالية ( الإمبريالية ) فتاريخ الرأسمال المالي وفقاً لفلسفتها لا تجد فيها أي مساحة متبعة بعيدة عن المساحة الرمادية ( أخذ العصا من الوسط ) وإيهام الرأي العام للأمم والشعوب التابعة وغير التابعة بأن هذه الإدارات تبحث عن فعل خير للإنسان كذلك وهم متبع في تلك الإدارات وأخطرها الإدارة (البريطانية) التي سادة في مراحل تاريخية معظم مناطق العالم (احتلال) تحت مسمى الاستعمار خداع وهذا ما أكسبها خبرة واسعة وبنت على أساسها مشاريع معلنة وغير معلنة من أهمها مشروع (كامبل) رئيس وزراء بريطانية ١٩٠٢-۱۹۰۷م . وأغلب نشاطات السيطرة ( احتلال غير مباشر) ذلك بعد احتلال (المباشر) تحت ما يسمى حالياً الإدارات الواجهات الوطنية.
أما الإدارة الأمريكية التي بدأت انتشاراتها وتوسعها في ضرب الثورة الإيرانية بقيادة الدكتور محمد مصدق في مطلع خمسينيات القرن الماضي ما بعد الحرب العالمية الثانية لم تبدع شيئاً سواء إتباع ما رسمته الإدارة البريطانية وإن أضافت إليها فهي رتوش إعطاء لون المرحلة المعاشة في مستجدات الحياة والصراعات .
فنعتقد بأن ما يدور على مستوى الساحة الدولية والعربية ومنها بلادنا لا يخرج عن المشاريع (القديمة) إلا من حيث الشكل أما المحتوى فيظل (هو هو) الإباحة والسيطرة (فرق تسود) وعلى وجه الخصوص في الساحة العربية كعمق إنساني في التاريخ والثقافة وكسوق وثروة وجغرافيا لها الأولوية لأن أي تقارب عربي من المحيط غرباً إلى الخليج شرقاً يحول العرب ومعهم المسلمين إلى قوة دولية فاعلة ذات نفوذ واسع وهذا المشروع هو الذي بدأت ملامحه تتبلور في عهد عبد الناصر الذي حورب من الحمر والصفر والخضر إلخ .
فالأحزاب التي بدأت في الظهور مع بداية القرن (۲۰) كما نعتقد أتت بمعرفة وبدون لتنفذ مشروع (كامبل) في التمزيق للأمة وشعوبها من حيث المحتوى والبعد إذا تركنا هنا بعض المظاهر الوطنية وما نعيشه في مراحلنا القائمة كما نعتقد هو تجسيد لنفس المشاريع القديمة الجديدة والحروب في ساحتنا العربية والإسلامية تؤدي محتوى الدور لمشروع (كامبل) وما سايس بيكو سواء حلقة من حلقات مشروع ( كامبل) .
( فهل من خضم المعاناة ) يمكن أن تستفيد الأمة العربية والإسلامية ومنها ساحتنا الوطنية من ذلك وأمم وشعوب العالم وتراجع التاريخ أقلها من بداية القرن العشرين لتقدم نفسها الأمة للأخر كلمة عربية وإسلامية ضمن هويتها - الأرض - اللغة - التاريخ - العقيدة ، لتستعيد مكانتها الطبيعية وتنعم بجغرافيتها وثرواتها وتعتبر الشعوب الأخرى أياً كانت شريكاً لها لا أعداء كما تروج لها الإدارات الرأسمالية بغرض السيطرة والإباحة بدءاً من شعوبها وصولا لكل الأمم والشعوب في المعمورة لأن من أهم المشاريع الرأسمالية الامبريالية خلق العداوات بين الأمم والشعوب لتستمر في سيطرتها وعلى قاعدة نظريتها الرأسمالية ومنها نظرية القس الإنجليزي مالتوس ونظرية( الفوضى الخلاقة ) لبرنارد لويس الحروب لا فيها شيعة ولا سنة ولا مسيحي ولا يهودي أو بوذي ... إلخ إنما هي أسواق شرايين حياة آلية الرأسمال المالي الإمبريالي ( ومنتجاتها ) فهل تعي الأمة وتعي معها الأمم والشعوب ليسهل الخروج من فلك الرأسمالية التي لا قيم فيها ولا دين ، فقيمها الربح والربح المطلق (القيمة الزائدة) الاحتكار، ولا تعددية فيها كما يزعمون ويروجون ضمن (الوسائط الهائلة) الإعلامية المستخدمة من تلك الإدارات الرأسمالية كالأمواج الكثيفة، فالأمم والشعوب لا عداء بينها وإنما الإدارات الرأسمالية هي المعنية لا سواها فهل يأتي الله في البدء بالانفراجة من روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا وكوريا الشمالية والسائرين من الدول بنفس الركب . نأمل ذلك والله من وراء القصد .