يستلنا الموت وطنا وأنسانا ونحن في صمت رهيب قابعين قابلين الخلاص برصاصة بندقية لا الذبح على الطريقة المحمدية للمواشي . أي صنف نحن من البشر ما سر تحولنا المفاجئ الى حياة الغجر وعشقهم للترحال وضياع الرجولة . ننام ونصحو على الفاجعة في وطني المسكون بها ، ولا نملك خيارا للهروب من مآسيها التي ترتسم ملاحمها القاتلة على محياء الوجوه كل الوجوه بلا استثناء . والرضى بمضاجعتها بعيدا عن عيون المرايا والذاكرة وبإيقاع الخيانة التي سقطت من قائمة الأخلاق والدين والقانون في اليمن القابل كل شئ فيها لسقوط من دونما الحاجة لمؤامرة جديدة عليها . وأكثر ما نخشاه موتها على وجه الأرض من بين شعوب الأرض في عصرهم الرقمي الحديث بلا روحٍ ولا رقمٍ ولا ذكرى للوداع .
قادتني قدماي اليوم في عتق الى قاعة غارقة بالمراثي على شهيد , لتقودني إلى قاعة أخرى غارقة بالدموع , و تضج بآهات المكلومين على واقع الحال , جموع تتدافع كالسيول لاستلام مساعدة لا تسمن ولا تغني من جوع .
اذاً وطني يتسع للمراثي كل يوم ، ويغرق في الدموع كل يوم . و قد يصبح موطن للماسي لا للسكن .
وربما شبوة مهيأة اكثر من غيرها لتكتب أخر شهادة لليمن في الحياة حال ابتعادها عن مزار الحسين في صنعاء ، ومسيرة الفلاحين في عدنِ .