آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-10:33ص

مكتشف [ إرم دات العماد] ظاهرة كونية

الخميس - 05 أكتوبر 2023 - الساعة 08:17 م
عاصم قنان الميسري

بقلم: عاصم قنان الميسري
- ارشيف الكاتب


المفروض ان يتم تصنيف أسم مكتشف ارم دات العماد في صحاري أبين ضمن مجموعة جينيس في تحطيم الأرقام القياسية ،حيث ان اكتسح كل اقوال المؤرخين والعلماء وتجاوز كل الفرضيات والقصص وجاء بظاهرة كونية جديدة واعلن يوم امس عن اكتشافه الكوني حول مااسماها مدينة إرم دات العماد ولانعلم كيف اصبحت مدينة ، بل انه يؤكد ان موقعها تحت مدينة سماء الخليج السكنية ،إرم دات العماد سابقا" أقترح من عندي اضافة هذا الأسم لمالك المشروع لكي نوثق هذة الظاهرة الكونية .

في الحقيقة ماكنت أنوي اكتب حول هذا الموضوع لأن كتابتنا للأمور التاريخية والحضارية تستوجب طاقة جبارة في التنقل بين كل المرجعيات والمصادر لكي يكون الموضوع ذو طابع إخباري متناقل لا ان نكتب من قريحة رؤوسنا وكأننا مصدر أساس ، وهذا الأمر يجعل من صاحبة مصدر إحراج فهو أصبح مطالب بالدليل الذي أعتمد عليه في إثبات نضريته واذا لم يتوفر دليل مادي وحيد فيعتبر كل ماجاء به هلوسات من تلقاء أفكارة تندرج ضمن الفلسفات والروايات والقصص الخرافية كالأسرائيليات .

فماذا لو قلنا لكم ان هناك من حاول أثارة موضوع يوم امس بأكتشاف كوني بقوله ان مدينة إرم دات العماد الأسطورية من دون ان ينسب نص اثاري او مرجع تاريخي بين كل ماكتب عنها من سطور بل حتى وصل به الحال أن يحدد مكانها وهو الأمر الذي عجز عنه كل علماء ومؤرخين البشرية من بعد قوم عاد بل حتى انه اراد ان يثبت تحديدا" انها تقع أسفل مدينة (سماء الخليج) السكنية ذات العماد سابقا" التي لاتتجاوز 2 كيلو على مدخل صحاري أبين ،فهل نتبع هذة الظاهرة او نتبع كلام تخمينات وفرضيات كل العلماء الأجلاء الذين مضوا ولم يثبتوا حقيقة وجود هذة المدينة ، او ننفي كلام الله وهو أصدق حديث اذ يقول في كتابة ( التي لم يخلق مثلها في البلاد ) يعني شي لايعتد ولايتصف حجمة ويأتي لك اليوم من يريد يقنع الناس بجهل هلوسات فرضية لايوجد بها اي نص او مرجع او جزء من دليل مادي حتى بل انه فوق ذالك يسيئ لمحافظة أبين بكل مشاربها بعنوان مقاله الذي عنون به اكتشافه الكوني هذا والذي حمل أسم (لصوص الحضارة في محافظة أبين) ، فبالله عليك هل هذا نص صحيح ، هذا أتهام صريح على أن كل من في محافظة أبين عبارة عن لصوص حضارة ولايوجد تفسير آخر ، فصدق القائل من قال : الا الجهاله اعيت من يداويها

اولا" 
مدينة إرم بين الفرضيات والتمريض اللغوي الأخباري في ماجاء عند الهمداني من قول أمرضه الحموي في كتابة  :
يقول الهمداني رحمه الله أن أبين هي إرم ذات العماد التي ورد ذكرها في القرآن الكريم حيث قال: " إن إرم ذات العماد كانت تقوم في تيه أبين " وإرم ذات العماد هي المدينة التي خرجت عن الفضيلة والاستقامة، ويقال أنها كانت تضم ثلاثمائة ألف قصر شيدت بالذهب والفضة والجواهر والياقوت ، وكان أهل إرم يحاولون أن يصنعوا من مدينتهم جنة عوضاً عن الجنة التي وعد الله بها المؤمنيين، لذلك استقدموا .

طبعا" في كلام الهمداني الكثير من كلمة(ويقال) وهذة الكلمة يعرفها أهل اللغة ويعرفونها بمصطلح (تمريض) اي لاتدل على دليل وينفي صاحبها عن نفسه اي مستند ويجعل الأمر مجهول كما استقاه من مصدره ، وهذا الهمذاني بقدرة شأنه وعلمه لم ينسب لنفسه خبر بل قال (ويقال) الى ان يوم أمس أحدهم حاول ان يثبت ان مدينة إرم تقع في أبين تحديدا" تحت مدينة سماء الخليج

اما ياقوت الحموي يقول عنها في كتابه معجم البلدان / أمهر الصناع وأبرعهم وجمعوا كل الثروات من أجل بناء هذه المدينة الأسطورية التي استغرق بناؤها (500 عام)، وقد بالغ المؤرخون والإخباريون في القصة مبالغة شديدة، وصوروا تلك المدينة الخيالية بشكل لا يمكن أن يكون، وذلك تعويضاً عن الفقر والشح والجدب الذي عرفت به تلك المناطق .

ثانيا"( ماجاء في الأسرائيليات والسيرة )
ان المصدر الأخباري الوحيد الذي وجدناه بين إيدينا والذي يعتبر أساس لكل خبر تاريخي لقصة قوم عاد بن إرم بن سام بن نوح يعتمد كليا" على ماجاء في الإسرائيليات فماذا تقول الأسرائيليات المروية في قصة إرم ذات العماد:
يقول  الدكتور محمد أبو شهبة : ومن الإسرائيليات ما يذكره بعض المفسرين: كالطبري، والثعلبي، والزمخشري، وغيرهم في تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بعاد إِرَمَ ذَاتِ العماد الَّتِي لَمْ يُخلق مِثْلُهَا فِي البلاد}.
فقد زعموا أن إرم مدينة، وذكروا في بنائها، وزخارفها ما هو من قبيل الخيال، ورووا في ذلك: أنه كان لعادٍ ابنان: شداد،وشديد، فملكا وقهرا، ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد فملك الدنيا، فسمع بذكر الجنة، فقال: أبني مثلها، فبنى إرم في بعض صحاري عدن في ثلاثمائة سنة، وكان عمره تسعمائة سنة، وهي مدينة عظيمة، وسورها من الذهب والفضة، وأساطينها من الزبرجد والياقوت، ولما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته، فلما كان منها مسيرة يوم وليلة بعث الله تعالى عليهم صيحة من السماء، فهلكوا.

وروى عن وهب بن منبه عن عبد الله بن قلابة: أنه خرج في طلب إبل له فوقع عليها يعني (مدينة إرم) ، فحمل منها ما قدر عليه، وبلغ خبره معاوية بن ابي سفيان ، فاستحضره، وقص عليه فبعث إلى كعب الأحبار، فسأله عنها فقال: 
هي إرم ذات العماد، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانه أحمر، أشقر، قصير، على حاجبه خال، ثم التفت، فأبصر ابن قلابة، فقال: هذا والله ذاك الرجل.

وهذه القصة موضوعة، كما نبه إلى ذلك الحفاظ، وآثار الوضع لائحة عليه، وكذلك ما روي أن إرم: مدينة دمشق، وقيل: مدينة الإسكندرية، قال السيوطي في (الدر المنثور): وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، عن عكرمة، قال: إرم هي دمشق، وأخرج ابن جرير، وعبد بن حميد، وابن عساكر عن سعيد المقبري مثله، وأخرج ابن عساكر، عن سعيد بن المسيب، مثله، قال: واخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن محمد بن كعب القرظي، قال: إرم هي الإسكندرية.

وكل ذلك من خرافات بني إسرائيل، ومن وضع زنادقتهم، ثم رواها مسلمة أهل الكتاب فيما رووا، وحملها عنهم بعض الصحابة والتابعين، وألصقت بتفسير القرآن الكريم .

يقول ابن كثير في تفسيره: ومن زعم أن المراد بقوله: {إِرَمَ ذَاتِ العماد}: مدينة إما دمشق، أو اسكندرية، أو غيرها، ففيه نظر، فإنه كيف يلتئم الكلام على هذا: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بعاد إِرَمَ ذَاتِ العماد} إن جعل بدلا أو عطف بيان؟ فإنه لا يتسق الكلام حينئذ، ثم المراد إنما هو الإخبار عن إهلاك القبيلة المسماة بعاد، وما أحل الله بهم من بأسه الذي لا يرد، لا المراد الإخبار عن مدينة أو إقليم، وإنما نبهت على ذلك؛ لئلا يُغتَرَّ بكثير مما ذكره جماعة من المفسرين عن هذه الآية، من ذكر مدينة يقال لها: إرم ذات العماد، مبنية بلبن الذهب والفضة، وأن حصباءها لآلئ وجواهر، وترابها بنادق المسك... فإن هذا كله من خرافات الإسرائيليين، من وضع بعض زنادقتهم؛ ليختبروا بذلك القول الجهلة من الناس أن تصدقهم في جميع ذلك، وقال فيما روي عن ابن قلابة: فهذه الحكاية ليس يصح إسنادها، ولو صح إلى ذلك الأعرابي فقد يكون اختلق ذلك، أو أصابه نوع من الهوس، والخيال، فاعتقد أن ذلك له حقيقة في الخارج، وهذا ما يقطع بعدم صحته، وهذا قريب مما يخبر به كثير من الجهلة، والطامعين، والمتحيلين من وجود مطالب تحت الأرض فيها قناطير الذهب والفضة... فيحتالون على أموال الأغنياء والضعفة، والسفهاء، فيأكلونها بالباطل، في صرفها في بخاخير، وعقاقير، ونحو ذلك من الهذيانات، ويطنزون بهم.

الصحيح في تفسير الآية:
أن المراد بعاد، إرم ذات العماد، قبيلة عاد المشهورة، التي كانت تسكن الأحقاف، شمالي حضرموت، وهي عاد الأولى، التي ذكرها الله سبحانه في سورة النجم، قال سبحانه: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأولى}، ويقال لمن بعدهم: عاد الآخرة وهم ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح، وكان يطلق على كل عرب الجزيرة العربية بين عدن وحضرموت بمصطلح الآراميون نسبة لجدهم إرم بن سام بن نوح قال ابن إسحاق وغيره: وهم الذين بعث فيهم رسول الله هودًا عليه السلام فكذبوه، وخالفوه، فأنجاه الله من بين أظهرهم، ومن آمن معه منهم، وأهلكهم {بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثمانية أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ هَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَة}.

وقد ذكر الله قصتهم في القرآن في غير ما وضع؛ ليعتَبِر بمصرعهم المؤمنون، فقوله تعالى: {إِرَمَ ذَاتِ العماد}: بدل من عاد أو عطف بيان زيادة تعريف بهم، وقوله تعالى: {ذَاتِ العماد} لأنهم كانوا في زمانهم أشد الناس خلقة، وأعظمهم أجساما، وأقواهم بطشا، وقيل: ذات الأبنية التي بنوها، والدور، والمصانع التي شادوها، وقيل: لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشعر التي ترفع بالأعمدة الغلاظ الشداد، والأول أصح وأولى، فقد ذكرهم نبيهم هود بهذه النعمة، وأرشدهم إلى أن يستعملوها في طاعة الله تبارك وتعالى الذي خلقهم ومنحهم هذه القوة فقال: {وَاذكروا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخلق بَسْطَةً فَاذكروا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
وقال تعالى: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً}.

وقوله هنا: {الَّتِي لَمْ يُخلق مِثْلُهَا فِي البلاد} أي القبيلة المعروفة المشهورة التي لم يخلق مثلها في بلادهم، وفي زمانهم؛ لقوتهم، وشدتهم وعظم تركيبهم.
ومهما يكن من تفسير ذات العماد: فالمراد القبيلة، وليس المراد مدينة، فالحديث في السورة إنما هو عمن مضى الأقوام الذين مكن الله لهم في الأرض، ولما لم يشكروا نعم الله عليهم، ويؤمنوا به وبرسله، بطش بهم، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ففيه تخويف لكفار مكة، الذين هم دون هؤلاء في كل شيء وتحذيرهم أن يصيبهم مثل ما أصاب هؤلاء.

ما روي في عظم طولهم لا يصح.
وليس معنى قوتهم، وعظم خلقهم، وشدة بطشهم، أنهم خارجون عن المألوف في الفطرة، فمن ثم لا نكاد نصدق ما روي في عظم أجسامهم، وخروج طولهم عن المألوف المعروف حتى في هذه الأزمنة، فقد روى ابن جرير في تفسيره، وابن أبي حاتم وغيرهما عن قتادة قال: كنا نحدث أن إرم قبيلة من عاد، كان يقال لهم: ذات العماد، كانوا أهل، {الَّتِي لَمْ يُخلق مِثْلُهَا فِي البلاد}، قال: ذكرنا لنا أنهم كانوا اثنى عشر ذراعا طولا في السماء، وهذا من جنس ما روي في العماليق، وأغلب الظن عندي أن من ذكر لهم ذلك هم أهل الكتاب الذين أسلموا، وأنه من الإسرائيليات المختلقة.

وأيضًا لا نكاد نصدق ما روي عن المعصوم صلى الله عليه وسلم في هذا، فقد روى ابن أبي حاتم، قال: حدثنا أبي، قال حدثنا أبو صالح كاتب الليث، قال: حدثني معاوية بن صالح، عمن حدثه، عن المقدام بن معد يكرب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر إرم ذات العماد فقال: «كان الرجل منهم يأتي إلى الصخرة، فيحملها على كاهله، فيلقيها على أي حي أراد فيهلكهم» ولعل البلاء، والاختلاق فيه من المجهول والله اعلم، وروى مثله ابن مردويه.

ولعن الله من نسب مثل هذا الباطل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نشك أن هذا من عمل زنادقة اليهود والفرس وأمثالهم، الذين عجزوا أن يقاوموا سلطان الإسلام، فسلكوا في محاربته مسلك الدس، والاختلاق، بنسبة أمثال هذه الخرافات إلى المعصوم صلى الله عليه وسلم، وأنا أعجب لمسلم يقبل أمثال هذه المرويات التي تزري بالإسلام، وتنفر منه، ولاسيما في هذا العصر الذي تقدمت فيه العلوم، والمعارف، وأصبح ذكر مثل هذا يثير السخرية، والاستنكار والاستهزاء.

تحياتي
القيل عاصم بن قنان