آخر تحديث :الثلاثاء-23 سبتمبر 2025-11:34م

اهم صفة للإنسان تميزه عن باقي المخلوقات الوفاء.

الخميس - 30 مايو 2024 - الساعة 08:28 م
عبده محمد هادي الصبيحي

بقلم: عبده محمد هادي الصبيحي
- ارشيف الكاتب




قال الله في كتابة

(واوفوا بالعهدأنا العهدكان مسول)

نسرد قصة عن الوفاء يرويها صاحب شرطة المأمون.
قال صاحب الشرطة كنت ذات يوماً مع المأمون وجئي بشخص مكبل والتكبيل تصفيد اليدين والرجلين وجمعهما معاً. قال لي خذ هذا الى دارك واتيني به الصباح لقطع رأسه، فامرت بالشرطة الذهاب به الى داري وابقيت بقيت وقتي مع المأمون، ثم أنصرفت الى بيتي لأنام وحين وصلت البيت فقلت لارى من يكون هذا الرجل.
جئته وقلت له من تكون أيوها الرجل، قال أنا من الشام وأهُلها خيراً، فقلت اتعرفُ فلاناً بن فلان، قال ومن أين تعرفه، قلت لي معه قصة، قال لإخبرك عنه الإ اذا قصصت لي قصتك معه.
قلت له مدير الشرطه يتكلم.
قلتُ كنت صاحب شرطة في الشام، وحصلت ثورة وقتل الوالي فتدليت من الدار بزنبيل، وحين وصلت الأرض فريت التجأت الى دار شخصاً لا اعرفه، فبقيت عنده أربعه شهور معززاً، مكرماً في كل يوم.

ذات يوم قلت له أريد أهلي في العراق، قال: القافلة ستبحر بعد ثلاثة أيام، وأنا اخبرك، وبعد ثلاثة أيام جأني، قال هئيى نفسك القافلة على وهبة السفر فتركني...

بدأت أفكر قلت كيف لي بالسفر وأنا لا املك مالاً ولا نقيراً، وبينما كنت أفكر في هذا، عاد يحمل حزاماً يسمى همياناً، وفيه سيفاً مدلا، قال هذا الهميان تمنطق به وفيه خمسمية دينار فهي مصرفك للطريق، وهذا الحسام سلاح لك، وهذا الفرس لتركبها، وهذا الخادم لخدمتك، وهذا البرذون، اي البغل محمل من نفائس الشام هدية منّا لاهُلك، تلك هي منّة وانا اتعقب أثرة لعلي أفّي ببعض هذه المنّة.
قال أنا هو!
المكبل قال أنا هو، فأبصرت في وجهه فإذا هو بصاحبي، فأرسلت على الحداد كسرَ قيده، وأدخلته الحمام، وأغتسل والبسته ملابس نضيفة، وقلت له هذا الف ديناراً وهذا فرسي لتركبها واذهب ودعني أصارع المأمون. قال والله لن افعلها، قلت لماذا؟ قال ذنبي عند المأمون عظيم وهو قاتلي لامحالة.
فأن ذهبت قتلك مكاني. فلا ابرح.
والححت عليه فلن يفعل.
قلت أذن تبقى هنا وانا اذهب الى المأمون التمسه، فأن اجابني فبها، والا ارسلت اليك ليقطع راسك. قال هذه اقبلها

وذهبت الى البزاز اشتريت منه كفناً، وابقيت الكفن معي الى الصباح، وفي الصباح صليت الصبح، وجاني رسول المأمون، يطلب الرجل، فأخذت الكفن وذهبت، جئت الى المأمون رائيته يتمشى في حديقت الدار، قال أين الرجل، قلت: اسمع مني يامير المؤمنين، قال: عليا عهد الله اذا قلت فر لاقطعت راسك مكانه.
قلت أسمع يأمير المؤمنين ولك أن تفعل بعدها ماتشى.
قال: قلْ، فقصصت قصتي من أولها إلى آخرها، فلما سمع المأمون القصة فبكاء.

قال والله لا أعلم أيكم أكرم،
هو الذي آواك وكرمك من دون معرفة، أو أنت الذي أفتديت بروحك بعد المعرفة، وأنا لاريد أكون ألمْئكم فقد عفوت عن الرجل، أحضره.

قل: أنا طمعت فيه، فقلت: ذلك لايكفي يامير المؤمنين،
قال: بل، قلت: صله. قال: وصلنآه بخمسين الف درهم.
قلت: ذلك لايكفي، قال: لمَ قلت أنا ذنب الشخص كبير، وهدايا الملوك على قدر ذنب الرعية، فأجزل له العطاء،قال: وصلنآه مائة الف ولآية الشام وعفونا عنه، أحضره.

فلما حضر الرجل قبل العفو، وصفح عن المال والولاية. قال: المال عندي مايكفيني منه، والولاية يكفي ماصرتوا إليه.

هذا مثال من اسلافنا وكان يعرضون ارواحهم للخطر من اجلها.

كم بحاجة اليوم نحن للوفاء، لكي نعيد مكانة كل شخص وقيمته، الوفاء ضمير حي لايمتلك الا الشخص الواثق في نفسه بكل الثقة،الوفاء شي جميل لايتذوقه الا الاوفياء ويجدون فيه السعادة والطمانينة.