الذين يتكئون على التاريخ لإقناع الجنوبيين بالبقاء في الوحدة يحاولون عبثا الإقناع. لأن التاريخ حمال لأوجه كثيرة ليست في صالح من يريد الإقناع بالوحدة. فمن يستشهد بدولة حمير التي توحد اليمن في عهدها فسيستشهد له بالمقابل بالدول التي كانت قائمة من قبل أوسان وقتبان و حضرموت. ناهيك عن الدويلات اليمنية الكثيرة التي كانت سائدة في العصور الوسطى و الحديثة إلى ما قبل عصر الاحتلال البريطاني الذي احتل عدن التي كانت تتبع السلطنة العبدلية, بينما كانت هناك باقي السلطنات و الإمارات التي تكون الجنوب آنذاك مستقلة و لم تكن تتبع الشمال.
السياسة تبنى على المصالح الآنية الواقعية لا على العواطف التاريخية فمن أراد ان يقنع أبناء الجنوب بالبقاء ضمن الوحدة فعليه أن يقدم لهم من المصالح الفعلية المتحققة ما يقنعهم بأن البقاء في دولة الوحدة هو خير لهم من فك الارتباط بها. هذه المصالح يمكننا أن نقول انها رد المظالم و المنهوبات و تعويض المتضررين عما تضرروا به من جراء السياسة الإقصائية بحقهم, ورخاء اقتصادي يلمسونه في حياتهم كما يلتمسه جيرانهم من الخليجيين. وبهذه الأمور وحدها يمكن لعجلة فك الارتباط التي دارت أن تقف. أما الكلمات المعسولة التي لا تسمن و لا تغني من جوع و الطنطنات البلاغية عن ضرورة الوحدة و العنتريات التي تحاول ترهيب الجنوبيين بالويل و الثبور وعظائم الأمور إن هم توجهوا لفك الارتباط فإنها أقصر الطرق لفك الارتباط.