قبل أيام تداعى عدد كبير من المشايخ والأعيان والوجهاء والشخصيات الاجتماعية لعقد لقاء موسع في قرية السويداء عاصمة (معقلة السعيدي) ضم هذا الاجتماع شخصيات كبيرة من معظم قبائل المنطقة الوسطى بالإضافة إلى مشايخ من باكازم، تناول هذا الاجتماع أهم المشكلات في المنطقة خاصة بعد حادثة التفجير الانتحاري في مدرسة الفريض وحادثة مفرق القوز، خرج المجتمعون برؤية معينة توافق عليها الحاضرون، يرون أنها من وجهة نظرهم ستكون كفيلة بمعالجة مشكلات المنطقة، ونحن هنا نفترض حسن النوايا، ونقول أن المجتمعين اجتهدوا في رؤيتهم للعلاج سواء كنا نتفق معهم كليا أو جزئياً أو نختلف معهم كليا أو جزئياً.
لم تنته المسألة هنا
وكان ينبغي أن تنتهي هنا
بعد هذا الإجتماع بأيام تتداعى شخصيات أخرى من مديرية مودية لتعقد اجتماعا مناهضا ومعارضا للاجتماع السابق وتصدر بيانا الهدف منه تسجيل موقف باسم المديرية ينقض اجتماع السويداء، ليس العيب في وجود أكثر من لقاء وأكثر من وجهة نظر في معالجة أي قضية، والتعدد سنة إلهية، والحياة مبنية كلها على التنوع، ولكن الخطأ أن يحط اجتماع مودية (والذي وضع في خلفيته شعار المجلس الانتقالي وصورة رئيس المجلس الانتقالي) أن يحط من اجتماع السويداء وأن يصف المشايخ الحضور بأنهم (بعض الشخصيات)؟!!!!
ومهما اتفقت أو اختلفت مع المجتمعين في السويداء فإنك لا تستطيع أن تتجاوز حضورهم الشعبي والجماهيري والاجتماعي، وعلى رأس هؤلاء المشايخ : صاحب الأرض الشيخ علي الخضر السعيدي عاقل منطقة السعيدي التي تشمل حوالي ثلث منطقة دثينة، وكذلك شخصية قبلية كبيرة مثل الشيخ الشاعر صالح العرماني الفطحاني صاحب الحضور الاجتماعي الطاغي، والشيخ القفيش الذي هو من أكبر الشخصيات العوذلية وصاحب سيرة نضالية طويلة، وكذلك الشيخ جمال العاقل المحافظ السابق والشخصية القبيلة التي تحظى بقبول كبير في المنطقة، ومن يزور ديوانه يشعر أنه أمام محكمة تعالج أصعب القضايا بين الناس في ظل غياب الدولة، وكذلك الشيخ حيدرة بن علي بن جبران شيخ مشايخ الجعادنة والأستاذ أمين الصالحي المأمور السابق، ومرجعيات باكازم والنخعين وأهل وليد وآل حاتم والبطان وآل ديان وغيرهم من الحاضرين الذين لا أعرفهم جيداً بحكم اهتماماتي التربوية.
كل هؤلاء وغيرهم مشايخ لهم وزنهم الاجتماعي المعروف وليس من الصواب أن نقلل من حجمهم وتأثيرهم وأهمية حضورهم، لأن التقليل من حجمهم لا قيمة له في واقع الحال ولا تترتب عليه أي نتيجة لأنهم موجودون شئنا أم أبينا ولكلمتهم وموقفهم وزنه في المنطقة...
ولا يعني هذا أنني أقلل من الشخصيات التي حضرت اجتماع المجلس الانتقالي في مودية، فلكل أحد قناعاته ورؤيته ووجهة نظره في التعامل مع القضايا الحادثة
ولكن
المؤسف أن تتحول المنطقة إلى ميدان للصراع السياسي والاجتماعي بعد أن تحولت إلى ميدان للصراع العسكري، وهذه طريقة( التفريخ) كانت من أبرز معالم النظام السابق في إدارة الأزمات وخلق الصراعات، والتي نرجو أن تتجاوزها مكوناتنا المختلفة مستفيدة من تجارب التفريخات السابقة.
ما أتمناه أن أرى المجتمعين في السويداء والمجتمعين في مودية على مائدة واحدة وفي اجتماع موحد ليس لهم غاية ولا هدف ولا مقصد ولا هم إلا إيجاد الحلول المناسبة لمشكلات المنطقة وأن يتحول هذا التنوع إلى أداة بناء وتعاون وتعاضد بغض النظر عن اختلاف الرؤى السياسية.
يجب أن يكون الهم هو المنطقة والمنطقة فقط.
وواقع مستقبل المنطقة هو وحده من يميز الصالح من المفسد والطيب من البطال والصادق من الكاذب.
(وإن غداً لناظره قريب)