يبقى الصراع على السلطة جزءاً لا يتجزأ من الأساليب المتخلفة التي ورثها الجنوب، أن الطريقة التي يُدار بها هذا الصراع مجددا توحي بعودة اسلوب احتكار السلطة مجددا للواجهة وعودة الاستبداد، ويرتبط الان بهيمنة فئة بعينها من منطقة معينة، وهو من اسواء الأساليب لارتباطه بالاستعلاء القبلي لفئة معينة، فئة بدأت تنشر معسكراتها في ميفعة، والذريعة منع ميفعة من الالتحاق بحضرموت وهو بذلك سيصبح جزء من الثقافة السائد التي ستدك الدولة الجنوبية القادمة في المهد وستسقط الانتقالي في ميفعة، أن التركيز على الحلول الهادفة الى منع تكرار الهيمنة المطلقة والاستعلاء، هو الذي سيقود للحل وما سوى ذلك فهي ثورة، سوف تصبح بعدها شبوة بلا ساحل ، وقد لا تصبح حضرموت وميفعة جزء من الجنوب. وهو طرح عقلاني وبلا استحيا وبمراجعة بسيطة للتاريخ، فشبوة الحالية لا تمت بصلة لحضرموت تاريخيا، لكن بالمقابل ميفعة كانت أحد عواصم حضرموت.
ان استيلاء عساكر القبيلة المهيمنة في محافظة شبوة واحتلال مديريات ميفعة، وفتح معسكرات على مشارف المدن، هو أسلوب لا يصلح لحل الازمة الحالية، بل ان مشروع الهيمنة القبلية القادم من عتق وشركاؤهم شركا الاستبداد سوف يخسرون ميفعة في المستقبل القريب في نهاية المطاف.
لماذا لان هناك أسلوب خاطي لإدارة المشكلات، أسلوب لا يقبل مشروع المعارضة، ويضغط باتجاه فرض مشروع الفوضى، نعم فوضى هيمنة القبيلة القادم من عتق، ذلك الشكل اجتماعي البدائي المتخلف، المسيطر منذ فترة طويلة، الذي مازال لا يريد الاستسلام للشكل الجديد لإدارة المجتمع الذي اسماه العالم دولة. ولا يريد أصحاب هذا المشروع البدائي ان يفيقوا، أو ان يسلموا ان التحول من الشكل البدائي هذا الى الدولة الحديثة، دولة المؤسسات والقانون قد حدث منذ قرون.
ان بناء الدولة بأفكار بدائية متخلفة، يعتبر تحدًا كبيرًا، سبق وان تم تجريبها وفشلت في صنعا، وتركت اثرا سلبيا في تكوين ثقافة المجتمع، يحتاج الى مئات السنين لإصلاحه، ان الانتصار على العوائق ، يكون بالبدء في بناء جدار حدودي قوي بالثوار المثقفين المؤهلين يصعب اختراقه ، وبخلاف ذلك لن يكون هناك استقرار اذا كان الجدار يتخلله القادة القبليين، فهم في الأصل يحملون ثقافة ضد مشروع الدولة الجديدة، والتحاقهم غالبا يكون بدافع شخصي بحت، للحفاظ على مراكزهم الاستبدادية، مما يزيد من احتمالات الصراعات الداخلية والفوضى، ويعوق أي تطور سياسي مستقبلي.
لان السلطة المتركزة في يد القادة القبليين قد تكون غير مستقرة بطبيعتها، حيث تعتمد على عوامل شخصية أكثر من الإدارة الفعالة والمؤسسات القوية. هذا يزيد من احتمالات التنازعات والصراعات الداخلية بين القبائل أو داخل القبيلة نفسها، مما يسهم في خلق حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، وهو مؤشر على ضرورة تسريع فرض قيام دولة حضرموت التي تنتهي حدودها في ميفعة.
ولان الامر في الجانب الآخر الجانب الحضرمي، يتعلق ببناء مؤسسات دولة عصرية لا تمت بصلة للنظام القبلي البدائي الذي اصبحنا منه على بعد قرون، فان ناقوس الخطر يدق محذرا من تسلق جمهورية القبيلة لأسوار حضرموت من خلال مديريات ميفعة التي أصبحت ثكنات عسكرية يتزعمها ثنائي القبيلة في عتق، وإذا حدث ذلك فانه سيعيد حضرموت الى المربع الاول ، ولذلك فان العمل المنظم أيضا يستدعي قبل كل شي وضع استراتيجيات لتعزيز الهوية الثقافية والنهج المدني في المؤسسات المحلية على الحدود الفاصلة بين حضرموت وشبوة لصالح قيام نظام الحكم الذاتي يحصن حضرموت من ثقافة القبيلة التي يروج لها جنوب اليمن من جديد، نرجو ان لا تحظى قبيلة الكرفات بتصفيق في مجالس حماة مشروع دولة القبيلة في عدن ومارب. ونرجو ان لا يكونوا سعداء انهم وجدوا عصا غليظة لمنع تمرد ميفعة، فذلك الاسلوب لن يمنع دولة حضرموت من رسم حدودها عند ميفعة.
وفقا لما هو مخطط له، سيتولى الشباب المثقف فقط القيادة في المرحلة الراهنة. ميفعة المستقل ليست القبيلة وليست الشيوخ ولا السلاطين ولا الاشتراكيين ولا المشتركين معهم، ميفعة المستقبل كيان لا يعترف بالهيمنة القبلية والتمثيل القبلي، ووهم الوصاية التي يحلم بها بعض المشايخ القبليين، الذين يعملون جاهدين لإعادة انتاج أنفسهم لمرحلة جديدة من مراحل التخلف والعنصرية التي تمثل نهجهم.
ميفعة يقودها تيارا يفكر في مستقبل ميفعة بضمير حي وعقل ناضج يستطيع تغيير وإصلاح ما أفسدته الكيانات البدائية التي ضلت تتحكم في ميفعة باسم القبيلة والسلطنة والاشتراكية القبيحة قرابة سبعين سنة. في الأيام القادمة ستكون ميفعة جزء من دولة حضرموت بلا رحمة، اذا لم تغادر المعسكرات القادمة من عتق وقياداتها ميفعة.