(لا أحد سيسمعكم) .
قالها أحد المارة وهو يمر بسيارته أمام الوقفة .
كانت الأجساد التي أنهكها الظلم لا تزال متمسكة ببقايا أمل والأمر بحاجة للمناشدة .
هناك بالقرب من الحشود وقف جنديان يتبادلان الحديث وعلى وجهيهما تعاطف صامت يستحضر كل منهما في مخيلته صورة معلمه الذي وقف يوماً أمامه، ويتأملان بحزن ما آل إليه حال المعلم.
أحد سائقي الباصات يتساءل درست في مدرسة (قتبان) هل المعلمين هنا اللي درسونا؟ يبدو أراد أن يلاحظ كمية القهر المرسومة على ملامح معلميه ويتساءل بحسرة هل هو نفسه هذا المعلم الذي كنت أحتفي به كرسول للعلم، والآن يلعن اليوم الذي أوصله إلى أن يتوسل راتبه الهزيل!.
وعلى زاوية من موقع الوقفة استقر الحال بأحد المعلمين منهكاً جالساً يحتضن قنينة ماء أحضرها من منزله، طلبت منه الإذن لنشر صورته، كان واضحاً بأنه لم يعد هناك شيء في أعماقه يستحق الخوف من النشر بعد الآن، عيناه المتعبتان كانتا ترددان بوضوح أن الصمت لم يعد خياراً.
ثمّة إصرار ممزوج بالأمل كانت تحمله تلك الوجوه التي توافدت من مديريات المحافظة .
لا راتب ولا حقوق ولا أي امتيازات تسند هذا المعلم ، مشاعل البلاد تتعرض للظلم، الصورة واضحة والإهمال لا يحتاج دليل! هل من رجل رشيد في هذه الحكومة البائسة، في هذه السلطة الخائبة لا يزال يتذكر مكانة المعلم الذي وقف أمامه ذات يوم، لماذا هذا الإجحاف واللاهمال وبهذا الإصرار العجيب، لا نريد التعلل بالموارد وخلو البنك من السيولة! موارد هذه البلاد تذهب إلى حسابات خاصة وهذا هو بيت القصيد، ثمّة أفاعٍ استنزفت الميزانية، سرقوا المحصول ونهبوا الأرض وهذا كل الأمر! بينما المعلمون يتوسلون الراتب، الراتب الهزيل، هزلت ورب الكعبة. ستعصف الدنيا بكم كما عصفت بالسابقين والأيام دول.
فؤاد مرشد