مع توقف الحرب في غزة وفرض عقوبات أمريكية جديدة كانت هذه المرة من نصيب بنك اليمن والكويت، يبدو أن المشهد الإقليمي والدولي يشهد تحولات كبيرة يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على اليمن، هذه التطورات تحمل فرصا وتحديات للحكومة الشرعية،حيث يتطلب الوضع الراهن تحركات استراتيجية لاستغلال التغيرات الدولية وتعزيز قوة ومكانة الشرعية على الارض، ويمكن قراءة هذه التغيرات من اربعة محاور:
أولا: التغيرات الإقليمية بعد توقف حرب غزة
يبدو أن توقف الحرب في غزة أتاح الفرصة لإعادة تركيز الاهتمام الدولي على أزمات أخرى في المنطقة، بما في ذلك الوضع في اليمن وتشير التوقعات بأن هناك تحركات إقليمية ستؤدي إلى إعادة تقييم أولويات المجتمع الدولي، مما يفتح المجال لتقليم أضافر الحوثي والدفع به نحو تنفيذ خارطة الطريق، ألا ان هذا المتغيرات تحتم على الحكومة الشرعية ضرورة استغلالها من خلال تعزيز تحركاتها الدبلوماسية خاصة مع الدول المؤثرة في مجلس الأمن، والتركيز على إبراز انتهاكات الحوثيين وتأثيرها على الأمن الإقليمي، خاصة في البحر الأحمر.
ثانيا: العقوبات الأمريكية على بنك اليمن والكويت:
اشار القرار بشكل واضح بإن بنك اليمن والكويت يعتبر احد المؤسسات المالية الرئيسية التي استخدمها الحوثي لتمرير صفقاتة المشبوهة، ويبدو ان شهية الحوثيين بعد ايقاف قرارات البنك المركزي في عدن جعلتهم يتصورون ان الامور ستسير دون حسيب او رقيب، فزادت مؤخرا تحركاتهم المالية المشبوهة التي رصدتها وزارة الخزانة الامريكية، كما أن العقوبات على بنك اليمن والكويت تكشف بوضوح عن شبكات تمويل واسعة يستخدمها الحوثيون لدعم أنشطتهم العسكرية، في المقابل تحمل هذه العقوبات رسائل تحذيرية واضحة للبنوك والمؤسسات الأخرى بعدم التعاون مع الحوثيين.
من جهة أخرى هذا القرار لايمكن الاعتماد عليه وحده لتجفيف منابع تمويل الحوثي، فالمنظومة التي انشائها الحوثي كبيرة ومتوغلة في الاقتصاد المحلي واصبحت مرتبطة بشبكات غسيل اموال خارجية ، وكل هذا يتطلب دعم جهود المجتمع الدولي لتوسيع قائمة العقوبات لتشمل جميع شبكات الحوثيين المالية، بما في ذلك شركات الصرافة والكيانات الوهمية واصدار اقصى العقوبات عليها.
على الصعيد الداخلي وكمسؤولية وطنية لاينبغي ترك القطاع المصرفي يتدمر فتبني استراتيجية وطنية شاملة لحماية القطاع المصرفي من الاستغلال الحوثي وتعزيز الشفافية والرقابة داخل النظام المصرفي اليمني خطوات هامة لحماية القطاع المصرفي الذي لا يأبه الحوثي بتدميرة، كونه بات اليوم يمتلك ادواته الموازية التي توغل بها في الاقتصاد المحلي.
ثالثا: الأبعاد الاقتصادية للعقوبات
تأثير القرار على الاقتصاد الموازي للحوثيين:
تشكل العقوبات بداية لتقييد موارد الحوثيين، لكنها تتطلب جهودا إضافية كبيرة لضرب الشبكات الداعمة لهم بالكامل القرار يسلط الضوء على هشاشة القطاع المصرفي اليمني في ظل غياب الرقابة الفعالة واستمرار عمله تحت سلطة الانقلابيين، الامر الذي يقودنا نحو ضرورة ان تتواؤم التحركات الاممية مع التحركات الامريكية مما يدعم ان يقوم البنك المركزي في عدن بإحكام مراقبته على كافة عمليات البنوك والزامها للأمتثال له بعيدا عن سطوة الحوثيين.
رابعا: السيناريوهات المحتملة في المستقبل:
تصعيد دولي:
توسيع العقوبات لتشمل جميع الشبكات المرتبطة بالحوثيين مما يؤدي إلى تقليص قدراتهم بشكل كبير، مع ضربات عسكرية موجهه تضعف من قدراتهم وبالتالي دفعهم للانخراط في تنفيذ خارطة الطريق.
استمرار الجمود:
الاكتفاء بهذا القدر اليسير من العقوبات،فإذا لم تتحرك الحكومة الشرعية بشكل فعال، ستظل الجماعة تستفيد من هذه الثغرات والتباطؤ في ضربها بالتحرك قدمها في تمويل أنشطتها.
أخيرا يمكن القول إن توقف الحرب في غزة والعقوبات الأخيرة على بنك اليمن والكويت يشكلان فرصة نادرة للحكومة الشرعية لإعادة ترتيب أولوياتها واستغلال التحولات الدولية لصالح اليمن ومن الضروري أن تتحرك الحكومة بشكل عاجل لتوسيع نطاق العقوبات الدولية وضمان حماية القطاع المصرفي من الاستغلال الحوثي، النجاح في هذه الجهود قد يكون مفتاحا لتحقيق الاستقرار المنشود في اليمن والمنطقة.