يمثل النضال السياسي أحد أعقد أشكال النضال وأكثرها تأثيراً في تحقيق الأهداف الوطنية لا سيما في الوضع الجنوبي الذي يمر بمرحلة حساسة تتطلب التعامل بذكاء وحكمة لتحقيق تطلعات الشعب الجنوبي ومن خلال عمل المجلس الإنتقالي الجنوبي يصبح النضال السياسي أداة أساسية تتطلب إستراتيجيات دقيقة تجمع بين الفكر الناضج والحكمة والقدرة على المناورة في بيئة سياسية معقدة إقليمياً ودولياً فالنضال السياسي بطبيعته يتطلب جهداً فكرياً وعملاً منهجياً أكثر من غيره من أشكال النضال فهو لا يقتصر على مواجهة مباشرة مع الخصوم أو تحقيق مكاسب آنية بل يمتد إلى بناء التحالفات وكسب التأييد وإدارة الأزمات بحكمة وفي الحالة الجنوبية حيث تتداخل المصالح الإقليمية والدولية مع المحلية يحتاج النضال السياسي إلى أدوات استثنائية مثل الحكمة والعقلانية للتعامل مع الأطراف المختلفة وتجنب أي صدام غير محسوب والفطنة والنباهة لفهم التغيرات السياسية السريعة وإستباق الأحداث والصبر والحلم لتحمل الضغوط والظروف السياسية المعقدة والقدرة على المناورة وهي مهارة فرضها العصر الحديث للتعامل بمرونة مع التطورات دون التفريط في الثوابت .
المجلس الإنتقالي الجنوبي باعتباره الممثل السياسي للقضية الجنوبية يواجه تحديات سياسية كبرى تتطلب إستثماراً حقيقياً في أدوات النضال السياسي ومن أبرز هذه التحديات إدارة العلاقات الدولية حيث يحتاج المجلس إلى بناء شبكة علاقات إقليمية ودولية قوية لتعزيز قضيته مع الأخذ في الاعتبار توازنات القوى وتأثير المصالح الخارجية على الوضع الداخلي وكسب التأييد الشعبي فرغم الحاضنة الشعبية الواسعة يتطلب الأمر مزيداً من التواصل مع المجتمع الجنوبي لشرح الخطوات السياسية وضمان الدعم المستمر خصوصاً في المراحل الحرجة وإدارة التحالفات ففي ظل وجود شركاء إقليميين ودوليين يجب على المجلس الإنتقالي أن يكون فاعلاً في تعزيز هذه التحالفات مع الحرص على تحقيق التوازن بين الحفاظ على السيادة الجنوبية والإستفادة من الدعم الدولي وإدارة الأزمات السياسية حيث إن التعامل مع الأحداث السياسية المتغيرة سواء داخلياً أو خارجياً يتطلب نهجاً عقلانياً يوازن بين تحقيق المكاسب وتجنب الخسائر الكبيرة ويمثل الإجادة في إستخدام أدوات النضال السياسي مفتاحاً لتحقيق أهداف المجلس الانتقالي بأقل تكلفة ممكنة فالنضال السياسي المدروس يمكن أن يقلل من الصدامات المكلفة سواء كانت عسكرية أو سياسية ويسهم في تحقيق تقدم ملموس نحو إستعادة الدولة الجنوبية المنشودة .
إن المرحلة الحالية تستدعي من المجلس الإنتقالي الجنوبي أن يتقن فنون النضال السياسي بكل تعقيداته ويستثمر في تطوير أدواته وقدراته لمواجهة التحديات الكبيرة التي تقف أمامه فالحكمة والفطنة والصبر إلى جانب القدرة على المناورة ليست مجرد خيارات بل هي ضرورة لضمان تحقيق تطلعات الشعب الجنوبي بأقل الخسائر وأكثر المكاسب فمستقبل القضية الجنوبية يتوقف على مدى قدرة المجلس الانتقالي على إدارة هذا النضال بحرفية وذكاء ..