في عالم السياسة إن اردت شيئاً فلن تحصل عليه بالمنحة بل تنتزعه بالقوة ومن يملك أوراق الضغط عسكرية كانت أو إقتصادية هو من يفرض نفسه على الطاولة سواء أحب الآخرون ذلك أم لا هذا ما رأيناه بوضوح في تجارب ثلاث قوى فرضت واقعها على خصومها بطرق مختلفة .
عندما امتلكت حماس السلاح وطوّرت منظومتها القتالية لم يعد بإمكان إسرائيل أن تتجاهلها من فصائل صغيرة في بدايات الإنتفاضة إلى قوة تفرض معادلات جديدة على الإحتلال لم يكن ذلك ليحدث بدون بناء قوة ردع عسكرية إستطاعت أن تغير مسار المواجهة وتجبر الجميع على التعامل مع حماس كطرف فاعل في أي حل سياسي .
أما دونالد ترامب فقد استخدم ورقة القوة الإقتصادية بأسلوبه الهجومي في إدارة السياسة والإقتصاد إستطاع أن يفرض إرادته على دول كثيرة في أميركا اللاتينية وأوروبا سواء في قضايا التجارة أو في التمويل العسكري داخل الناتو لم يكن بحاجة إلى إرسال حاملات طائرات أو التهديد بالقوة العسكرية بل إكتفى بسياسات جمركية وعقوبات مالية قلبت حسابات أوروبا ودول أخرى وأجبرتها على التماشي مع سياساته .
في أوكرانيا كان الدرس أكثر وضوحاً لم يكتفِ بوتين بالقوة العسكرية بل دعمها باقتصاد صمد أمام العقوبات الغربية روسيا رغم الحصار والضغوط أثبتت أن من يملك موارد الطاقة والسلاح الحديث يستطيع فرض كلمته مهما كانت التحديات .
الوضع في الجنوب اليوم "مش بطال" لكنه بحاجة إلى إستكمال عناصر القوة عسكرياً المجلس الإنتقالي يملك قوة تحمي الجنوب من أي تهديدات لكن القوة لا تكتمل إلا بدعمها باقتصاد قوي وإدارة ناجحة الخدمات والبنية التحتية تحتاج إلى قفزة نوعية والبلد بحاجة إلى كوادر ناجحة تستطيع إدارة الملفات الحيوية بكفاءة وتقضي على الفساد الإداري والمالي .
القوة العسكرية تحمي والقوة الإقتصادية تُرَسِّخ والإدارة الناجحة تصنع الاستقرار هذا هو الدرس من غزة وواشنطن وموسكو والجنوب اليوم أمام فرصة لصياغة مستقبله فهل ينجح في استكمال معادلة القوة؟