آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-07:45ص

حضرموت قيد الإتحاد ورغبة الإنفصال

الثلاثاء - 04 مارس 2025 - الساعة 08:35 ص
عصام مريسي

بقلم: عصام مريسي
- ارشيف الكاتب



حضرموت المملكة التي شيدها الحضارم في شرق جنوب شبه الجزيرة العربية ضربت جذورها عبر الحقب التاريخية منذ قبل الميلاد تأرجحت بين السيادة على الرقعة التي قامت عليها شرق الجنوب رقعة الممالك التي جاورتها في تلك الحقب التاريخية اوسان وقتبان وسبأ وحمير دون أن يكون لها أطماع في التوسع وبسط النفوذ على ممالك الجوار نائية بحكمها الذاتي لأراضيها بعيدا عن المنافسة والسعي في زيادة رقعة سيادتها منكبة على إعمار اقتصادها وبنيتها الإقتصادية والتجارية وهي في أثناء ذلك تتعرض لهجمات الجوار التي غالبا ما تنتهي بخرق سيادة المملكة الحضرمية وإخضاعها أو أجزاء منها لحكم المملكة المغيرة فتارة خضعت لحكم الأوسانين وأخرى لحكم وهيمنة القتبانيين وسقوطها تحت نفوذ مملكة سبأ حتى أصبحت خاضعة لسيطرة وحكم مملكة حمير التي فرضت سيادتها على كل ممالك جنوب شرق وشمال غرب شبه الجزيرة العربية.

وفي ظل الإسلام كانت حضرموت من أول الممالك التي دانت بالاسلام وتابعت في ذلك أقيالها وائل بن حجر وابو العلاء الحضرمي وبتشرذم الدولة الإسلامية لم يراود الحضارم هاجس قيام دولة أو مملكة مستقلة بل كانت عبر المراحل المختلفة تخضع بالولاء للدولة التي تفرض سيادتها فمرة تكون تبعا لحكم الرسوليين وأخرى لهيمنة الصليحيين.

وفي نهاية القرن الماضي كانت حضرموت هي المحافظة الخامسة بين محافظات جمهورية اليمن الديمقراطي وخضعت للحكم الشيوعي الشمولي أسوة بكل محافظات الجنوب بالحديد والنار وتعرض سادة حضرموت ومشائخها كباقي مشائخ القبائل للتنكيل والسحل والتعذيب ولم تعلن حضرموت وقبائلها رغبتها في الأنفكاك عن الإتحاد الديمقراطي حتى قامت الوحدة وكانت حضرموت أيضا هي إحدى محافظات الجمهورية اليمنية غير مبدية هواجسها في الإنزلاق عن الإتحاد اليمني وفي معركة الجنوب الانفصالية لم يسمع صدى هواجس الحضارم في مشاركة رغبة باقي محافظات الجنوب والشرق في التمرد على الإتحاد اليمني الشمالي و كانت حضرموت في منأى عن ضجيج المعارك التي خاضتها عدن مع الحكم الشمالي من الأجل الانفصال والعودة نحو الأتحاد الجنوبي ما قبل الأتحاد اليمني الشمالي.

و بغلبة الشماليين وكسبهم الحرب وخسارة الجنوبيين وفرار قادتها نحو الجوار ظلت حضرموت محافظة من محافظات الإتحاد اليمني الشمالي غير بادية هواجسها في السيادة والتفرد بحكم مساحتها الجغرافية حكم ذاتي.

وبخروج ا الجنوبيين للمطالبة بالحقوق في ثورة الربيع الجنوبي كانت حضرموت على استحياء في إبداء تلك المطالب وكعادتها تخفي رغبتها ورغبة قبائلها في الأنفراد بالحكم الذاتي لأراضيها خاصة بعد اكتشاف كنوزها من النفط وظلت تعلن الطاعة للاستمرار في الولاء لسيادة الإتحاد الشمالي.

وفي اجتياح الشماليين للجنوب في حرب الإجتياح الحوثي ظلت حضرموت ممتنعة عن الخوض في غمار المعارك مع القوات الشمالية الجديدة التي تسلقت حكم الشمال بسقوط نظام علي صالح وسريعا ما دامت مخفية رغبتها بالانفكاك من الاتحاد مع ظهور تحركات وفوضى من قبل الجماعات الاسلامية المتشددة القاعدة واصلاح الحضارم مبدين رغبتهم في السيطرة و الانفراد بحكم حضرموت على طريقة الكيانات الإسلامية المتشددة و تقسيم حضرموت إلى مربعات ارهابية وكيانات قبلية ذات انتماءات شخصية للجماعة لكن حضرموت رفضت ذلك التوجه الذي أراد شق اللحمة الحضرمية وإدخالها في بؤرة الإرهاب والتشرذم المناطقي داخل الارض الحضرمية.

وظلت حضرموت في سياق مساعي الداخل وتدخل الجوار في فض الخلافات والعوائق التي نشبت بعد سقوط اتحاد الشمال الجبري .

وفي غمار الفوضى التي عمت البلاد برزت بعض الأصوات من هنا وهناك داخل الرقعة الحضرمية التي تسعى بتوسيع رقعة حضرموت الجغرافية لتمتد إلى شبوة التي كانت في ماض بعيد جزء من الكيان الحضرمي لمملكة حضرموت التي اندثرت سيادتها وبقي اسمها كرمز لحضارة سالفة ما زال بعض من يحبون السيادة و يعشقون الإدارة ويتحفزون سواء عن رغبة ذاتية او لتحقيق أجندات اقليمية تنازعهم رغبة السيادة وقد أصبحت سقطرى جزء لا يتجزأ من المحافظة بكل خصائصها ومواصفاتها الطبيعية و كنوزها التي مازالت مخبأة ولا شك أن عين على المهرة الجارة القريبة تتشغف لتكمل الخارطة الجغرافية لدولة حضرموت التي تسعى بعض القيادات لتحصل على الحكم الذاتي وتنشق من هرم سداسي جمهورية اليمن الديمقراطي بيدا أن الانفكاك من طوق العربية اليمنية بات يتفتت شيئا فشيئا رغم كل الجهود الدولية لبقاء الأتحاد ولو بصورة شكلية.

والواقع اليوم أن حضرموت وقعت بين سنديان الإمارات ومطرقة السعودية بين نخب حضرمية بدعم إماراتي وبين حلف حضرمي برعاية سعودية وحضرموت في ظل تلك التكتلات تعتصرها الإضطرابات والدعوات نحو الأنقياد لقيادة الانتقالي في ظل دعوات بعيدة المدى لعودة حضرموت لحاضنة اليمن الديمقراطي على طريقة الانتقالي الذي فقد الحاضنة والقبول لدا المجتمع الحضرمي ووقوف حلف حضرموت ومشائخها في صف الدعوة التي تطالب باستقلال حضرموت وانطلاقها ككيان مستقل وهذه الدعوة هي بداية الخضوع للولاء السعودي و الانخراط في اتحاد مع الجارة السعودية طوعي او جبري بعد انسلاخ حضرموت من الكيان الأتحادي للدولة اليمنية القائمة اليوم إذ بالأنفكاك تنتفي موانع وضع اليد للجارة السعودية على مساحات الكيان الوليد الذي تنشب الخلافات بين الكيانات المتناقضة القائمة بفعل التوجهات والولاءات لقوى الإقليم الداعم لتلك القوى وستصبح حضرموت فاكهة شهية تمتد إليها جيرانها في حدودها الشمالية وحدودها الشرقية خاصة وأن موقعها وثرواتها يفتح شهية الجيران مع ضعف البنية العسكرية للكيان الجديد إذ لم يستمر حكم ذاتي لحضرموت عبر تاريخ مملكتها إلا وينتهي بسقوطها تحت نفوذ جيرانها.

الأمر الذي تسير فيه قوى السيادة في حضرموت يدفع الأمور نحو خلق المزيد من الأزمات والإضطرابات وكلما تمسكت تلك الأطراف بمواقفها تزداد الأمور تعقيدا وتتجه نحو المجهول الذي لاتحمد عقباه على كل الرقعة اليمنية .


عصام مريسي