كغيرنا، شاهدنا في اليومين الماضيين حملةٍ إعلاميةٍ مشفوعــــــةٍ بصورةٍ من الاستقالة التي تقدم بِــهـا رئيـــس هيئـــة استكشاف وإنتاج النفط المهندس "خالـــد باحـــميش" وهي وكما تبدو للقارئ حملة باطنها الإنفصام، وظاهرها الإنتقام، ولاشك أنها واضحــــــة المرامي، ومفضـــوحة المآرب؛ إذَّ يرجو من يقف ورائها – أي وراء الحملة – التعبير بما تُمليـــهِ عليــه الأجندات السياسية المعادية لوزارة النفط والمعادن، تلك الأجندات التي تسعى بكل ما أوتيت من قوةٍ لإفشالِ الوزارة ومحاربة قيادتها؛ رغبـــــةً في الاستحواذِ عليها لاستكمال دائرة النفوذ للتحكم فيــــما بــقــــى مـــن مــؤســـسات الــــدولـــــة .
مــا يدعو للاستغـــراب فــي الإستقالــة مَزاعِــــم دفع وزارة النفط أموال طائلة لشركات مراجعة دولية رغم أن وزير النفط يحمل دكتوراه في المحاسبة، حيث ضــمَّـن المهندس "خالـــد باحـــميش" ذلــك في استقــالــته بإعتــبـاره إهداراً متعمداً للمال العام. وهــذا المَــزْعـم كفيلاً بكشف الــدوافــع الإنتقامــية - إن لم يكن ذلك إنفصاماً في الشخصية يستوجب العلاج النفســي – وهــو منـطـــق أرعن لا يــلــيق بشـــخصية قد بلــغــت من العمر عتيا وتتبوأ أعلى هـــرم في أهــم مؤســـسة حــكومية، فـمـــن غــير المعــقول أن كــل وزيــر يــمارس عــملــه كوزير بــموجب شــهـادتـــه الأكاديـــمية، فـمــثلاً إذا كــان الوزيــر يحمــل شهــادة في الطــب هــل تــقع علــيه مــداوة مــوظــفيه، وفــي حــال ذهــب أحـد الموظفين للعلاج في الخارج هـل يعــد ذلــك إهداراً للمــال العام .. مـا هذا المنطق يا باحـــميش !!
فعـلاً فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (٤٦) سورة الحج .
فـي الإستقالة اعترف المهندس "باحـــميش" بتحصيله مستحقات مالية لخمس سنوات ماضية من شركة OMV النمساوية، حيث أن وزارة النفط طالبته بصرف منها رواتب موظفي الهيئة والمتوقفة منذُ خمسة أشهر، بينما رفض "باحميش" طلب الوزارة معتبراً ذلك محاولة لفرض التزامات غير قانونية على الهيئة .. ألا يحق لنا أن نسأل عن مصير تلك المبالغ التي تحصلت عليها من شركة OMV والمُقدرة بحوالي مليون وخمسمائة ألف دولار؟!! سيما وأنت تمتنع عن صرفها لموظفي الهيئة في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها الوطن .. وهل هناك ما هو أكبر من صرفها كرواتب للموظفين ؟!
ومن متى أصبحت رواتب الموظفين إلتزاماً غير قانوني ؟!
إذاً، ما الغاية من امتناعك لصرفها والإصرار على التحويش عليها لدواعي مجهولة وغريبة الأسباب ؟!!
كما لم يغفل المهندس "خالـــد باحـــميش" في استقالته بإظهار عدائه البواح إزاء قرار إنشاء شركات وطنية جديدة في إشارة واضحة وصريحة لمطالب أبناء شــبوة العادلة المُتمثلة في تأسيس شركة (بتروشبوة) على غرار شركتي صافر بمأرب، وبترومسيلة بحضرموت، واصفاً تلك الخطوة بأنها ستؤدي إلى تفتيت القطاع النفطي وإضعاف الاقتصاد، وتهديد الوحدة اليمنية، ومقدمة لنهب الموارد وتقاسم والمصالح حسب زعمه .. وهنا نسأل المهندس "باحـــميش" لماذا تعتبر إنشاء شركة (بتروشبوة) إضعافاً للاقتصاد في ظل وجود تجربتين ناجحتين أحدهما في مأرب والأخرى في حضرموت، وكانتا تجربتان نموذجيتان لتعزيز الاقتصاد، ورفد خزينة الدولة ؟
كما حاول "باحـــميش" في الإستقالة أن يخادع الآخرين، وما يخْدَع إلاَّ نفسه، غير آبهٍ بكبرِ سنهِ، ولا بشيبِ لحيتهِ، من خلال الفِرْية التي افتراها على وزير النفط بأن فترات غيابه الطويلة في الخارج قد أثرت على قراراته، وكما هو معلوم أن وزير النفط أكثر الوزراء حضوراً في العاصمة عدن وتكاد سفرياته الرسمية لا تستغرق خمسة أيام فقط وبشهادة الجميع، بــل وأن المهندس "باحـــميش" في أكثر من مناسبة يشيد بتواجد الوزير ويكررها بعظمة لسانه أمام الملأ، فما الذي غيَّر رأيه وجعله يناقض ذاته في هذا الشهر الفضيل أهو الإنتقام، أم الإنفصام ؟!!