في اليوم العالمي للمرأة، لا نحتفي فقط بمن تصدّرن المشهد، بل نوجّه البوصلة نحو تلك النساء اللواتي يعملن بصمت، في الظل، بعيدًا عن الأضواء، لكنهن يشكلن العمود الفقري لكل نهضة، والأساس الذي لا يقوم أي مجتمع بدونه.
لقد اعتدنا أن نرى التكريم يُمنح لمن احتلت المراتب العليا، لمن وصلت إلى دوائر القرار، لمن خط اسمها في الصفحات الأولى، لكن ماذا عن نساء الصف الثاني والثالث؟ ماذا عن أولئك اللواتي يمهدن الطريق للقيادات، يدعمن، يعملن، يضحين دون أن يُذكرن؟
من معلمة تقضي يومها في تربية العقول، إلى طبيبة تداوي الآلام في الأحياء المنسية، إلى عاملة تكافح لإعالة أسرتها، إلى ناشطة تعمل في الهامش بلا منصب أو شهرة، هؤلاء هن من يجب أن نوجه لهن التحية الكبرى اليوم.
في عالم السياسة، نحتفي بالوزيرات والبرلمانيات، لكن خلف كل واحدة منهن نساء يعملن بلا كلل في فرق الدعم والاستشارات والتخطيط. في منظمات المجتمع المدني، نجد القائدات في الواجهة، لكن ماذا عن الميدانيات اللواتي ينفذن المشاريع في المناطق النائية، ويتحملن المشقة دون أن يصل صوتهن؟
إن التمكين الحقيقي لا يجب أن يكون حكرًا على النخبة، بل ينبغي أن يصل إلى كل امرأة، في كل موقع، دون تمييز بين من تقف في الصف الأول ومن تعمل في الصفوف الخلفية. فالمرأة لا تحتاج فقط إلى احتفاء رمزي، بل إلى سياسات وبرامج تجعل تمكينها واقعًا ملموسًا، بحيث تصل كل امرأة إلى ما تستحقه بجهدها وعملها.
أنتِ لستِ مجرد رقم في إحصائيات التمكين، أنتِ صانعة التغيير، سواء كنتِ في القمة أو في القاعدة. لا تنتظري الاعتراف من أحد، بل اصنعيه بنفسك. لا تظني أن دوركِ غير مرئي، فالعالم لا يتحرك إلا بجهود النساء أمثالكِ.
في هذا اليوم، أقول لكل امرأة تعمل بصمت، لكل من لم يُكرّم جهدها، لكل من لم يصل صوتها بعد: نراكِ، نسمعكِ، ونعترف بفضلكِ. لا تتوقفي، فالأثر الحقيقي لا يحتاج إلى تصفيق، بل إلى إيمان عميق بأن ما تفعلينه يصنع فرقًا.
كل عام وأنتِ القوة التي لا تُهزم، كل عام وأنتِ تصنعين المجد ولو في الظل