آخر تحديث :الأربعاء-02 يوليو 2025-02:14ص

إما الحرية أو لا شيء

الأربعاء - 12 مارس 2025 - الساعة 12:03 ص
صهيب المياحي

بقلم: صهيب المياحي
- ارشيف الكاتب


سافر جميع الزملاء، لزيارة أمهاتهم، لقضاء العطلة مع أهاليهم، بينما أنا بقيت هنا، وحدي، مع كآبتي التي تلتهمني. وحدي، أتأمل صمت المكان، وحيدًا وأنا أحدث نفسي بحزنٍ غارق في الوجع. المكان خالي من الألفة، من الأصوات، من الضحك، ولكن الأكثر قسوة هو أنني لا أستطيع العودة إلى قريتي، ذلك المكان الذي يعبق برائحة أمي ودفئها، لا سيما رمضان الذي إعتدت عليه أن نكون معًا أنا وأمي. هذا العام، رمضان بلا روح. كيف للصيام أن يكون طعمًا في فمٍ خالي من الأمل؟ كيف لي أن أعيش هذا الشهر وأنا بعيد عن أمي وعن كل ما يربطني بالأرض التي ربتني؟


ثم، هناك تلك الفكرة التي تلاحقني: الحرية. هل هي حقًا جريمة؟ أليس من المفترض أن يكون لكل إنسان الحق في أن يقرر مصيره؟ لكن، لا. في هذا الزمن، تصبح الحرية جريمة. أصبحتُ مجرمًا لأنني رفضت السكوت، لأنني أصررت على أن أكون إنسانًا، لا آلةً في يد أحد. هذا العالم الذي يتحكم فيه أصحاب السلطة المتعطشون للدماء، لا يعترف بشيء يسمى حرية، بل يعاقب عليه. لذلك، أنا المتهم بالحرية. لأنني رفضت أن أكون تحت عباءة الإمامة، ورفضت أن أظل صامتًا في وجه الظلم.


اتهموني بأنني متمرد. لكن هل يعرفون ماذا يعني أن أكون متمردًا؟ يعني ببساطة أنني اخترت أن أكون حرًا، أن أعيش كما أريد، لا كما يريدون هم. أصدروا أمرًا قهريًا للقبض عليّ، ولم يتوقفوا عن التهديد. رفعوا أصواتهم عليّ، لأنني لم أخشَ قول "لا". لأنني لم أخشى أن أرفع صوتي في وجه الطاغية الذي أراد أن يُسكِتني.


لكنني لن أخشى السجن، ولا العذاب. لا يهمني العودة إلى الديار إن كانت العودة تعني الخضوع للظلم. ما يهمني هو أن أتنفس حرية، وأن أعيش بكرامة، وأكتب ما أؤمن به دون خوف. هل الحياة تستحق أن تُعاش بدون حرية؟ هل من المعقول أن نعيش عبيدًا في وطننا؟ أنا لا أقبل ذلك، وأنت أيضًا لا ينبغي لك أن تقبل.


لا أريد أن أكون عبدًا. ولا أريد أن أعيش تحت حكم طاغية. نحن اليمنيون، سقينا الحرية منذ أول لحظة كانت فيها الشمس تشرق على أرضنا. حرية لا يمكن أن تُسلب منا، ولو كلفنا ذلك أن نضحي بكل شيء. نحن أحرار منذ أن كنا أطفالًا، نرفض الخضوع، ونرفض السكوت. الحرية جزء منا، ونحن لا نتنازل عنها. نحن لا نركع لأحد، ولا نقبل أن نكون مجرد أدوات بيد حاكم مستبد.


نحن نصرخ الآن، ونقول لا، وسنظل نقولها مهما كانت العواقب. لا، لن نسمح بأن يتحكم بنا أحد. لا، لن نرضى أن نعيش تحت رحمة القهر. قسمًا بكل ما نعتز به، سنظل نرفض أن يكون للحوثي سلطنة علينا. لن يُسكتنا الظلم، ولن يوقفنا الخوف. إن كانت حياتنا ثمناً للحرية، فنحن مستعدون لدفعه.


إما الحرية، أو لا شيء.