يمر علينا عام من رحيل مؤثر، ورحيل يوجع، رحيل ذقنا كأس الصبر، واكتوينا بنيران الفقد، ولبسنا ثوبًا أسود يغطي أجسامنا، ولكن لم يعطِ شيئًا ليدفئ به قلوبنا، أشعلته نار جعلت من أعضائنا حطبًا، ومن الحطب رمادًا تداعبه رياح الشرق. 19 رمضان الماضي، كان عام كابوسٍ عن قبيلة الصحران، عن رحيلهم. كانت الخسارة كبيرة، وما تركوه فراقًا كبيرًا. عام مضى يحمل حزنًا كبيرًا وألمًا شديدًا بعد رحيلهم. فكل كلمات العالم لا تعزي قلوبنا على فراق الفواجع التي تبقى كما هي، ولو مر عليها الدهر كله. فإن الحزن على رحيلكم لا يموت، فلا ألم يضاهي ألم فقدانكم، ولا ذكرى أبشع من ذكرى رحيلكم، ولا حزن يفوق حزن وفاتكم. وكاننا بالأمس فقدناكم. رحل أعز الأصدقاء والقلوب النابضة، والثلج الأبيض للشاربين من عطش الضماء. رحيل الوجبة المفضلة للجائعين من الموت جوعًا... أبو أصيل وناصر عنفوش، الحلم الذي كان يراودني ويراود المحبين والشباب والأصدقاء. ناجي قاسم وعنفوش، أجزم وأقسم بأنكم لم ترحلوا بعد عن قلوبنا، وبدمع عيني كل ليلة أسقيكم، وبين أضلع قلبي ما زلتم ساكنين. عذرًا مؤذية، عفوًا مودعة، لم ولن تكوني محطة الختام للأصدقاء وتوأم روحي، بل جعلت العشق إلى جنون، والحب إلى وفاة. ارقدوا قريري العين في جنة عرضها السموات والأرض، ارقدوا خلف محمد، أمام الخلفاء الراشدين لتكون الجنة داركم والنبي جاركم. لا تنسونهم من دعواتكم، ادعوا لهم بالرحمة والمغفرة في هذا الشهر الفضيل، لأنها دعوة مقبولة بإذن الله. اللهم ارحمهم وسكنهم فسيح جناته.