ولد المجلس الإنتقالي من رحم معاناة الجنوب بعد سلسلة من نضالات شعب الجنوب وقوافل من التضحيات التي قدمها الجنوبيين على مختلف الأصعدة الحياتية منذ سقوط الإتحاد الوحدوي المنقوص مع الجمهورية العربية اليمنية وتحوله إلى مشروع استعماري ينتقص حقوق الجنوبيين ويعتبرهم مواطنيين من الدرجة الثانية.
ولد المجلس الذي اتجهت الأنظار نحوه باعتباره وسيلة الخلاص وطوق النجاة ومركب للعبور والأنفكاك من قيود الوحدة التي فرضت فرضا بعد نكسة حرب صيف مايو ١٩٩٤م التي طوقت الجنوب بعد هزيمة ٧يوليو من نفس العام.
وفي رحلة النضال الجنوبي منذ تسعينات القرن الماضي للتحرر من الهيمنة الشمالية و وصاية العربية اليمنية واستعادة الجنوب سار كل الجنوبيين في مواكب البطولة التي اتخذت سبل متعددة منها ماهو بصورة فردية او جماعية عبر تكتل اتحادات فئة من العمال او الهيئات أو جماعة من المواطنيين يشتركون في نوع من الانتقاص امتد إلى حقوقهم وكل تلك المطالبات تظللت بمظلة الحراك الجنوبي الذي نشأ مطلبيا حتى تصاعد ليتخذ الواجهة النضالية التحررية وليكون فك الإرتباط بالعربية اليمنية هو المطلب والهدف الأول.
وبعد حرب الإجتياح الذي خاضته القوات الشمالية بمساندة القوى القبلية من جميع المحافظات شمالية والتي أرادت من خلال ذلك الإستمرار في إخضاع الجنوب لهيمنتها ؛
كان حريا بقيادة المجلس الإنتقالي البدء باجراءات مشروع فك الإرتباط والتخلي عن الإتحاد مع الجمهورية اليمنية خاصة بعد تسلق جماعة أنصار الله إلى السلطة إذ لم تكن يوما من أطراف الإتحاد الذي انعقد في عام ١٩٩٠م فهي طرف غير قانوني في الإتحاد وغير ملزم لقيادة الإنتقالي الذي تكون بعد انعقاد المؤتمر الوطني لأبناء الجنوب في مايو ٢٠١٧م والذي كان من مخرجاته تفويض عيدروس الزبيدي لتكوين وإعلان المجلس الإنتقالي الجنوبي كممثل شرعي وقانوني للمطالبة بحق الجنوبيين استعادة دولتهم جمهورية اليمن الديمقراطية ماقبل قيام الوحدة لكن الإنتقالي وخلال سنوات التكوين التي تجاوزت الثمان سنوات لم يستطع تحقيق طموح الجنوبيين في استعادة الدولة وفك الإرتباط خاصة وأن الجمهورية لم تعد تشغل كل المساحة الجغرافية التي كانت تشغلها حتى الأعوام ٢٠١٤م بعد إجتياح الحوثي لكل محافظات الشمال وإسقاط الدولة القائمة .
ثمان سنوات للتفويض ولم تتحقق أدنى الوعود والأهداف التي أعلنت عند إنشاء المجلس الإنتقالي في حين تشعبت تكوينات المجلس وإنشاء وحدات عسكرية وأمنية وقيادات إدارية مدنية في المرافق والأجهزة الحكومية المدنية أصبحت تشكل عائق في سير العمل الذي يؤدي تواجدها في كثير من الأحيان إلى ازدواجية في اتخاذ القرارات وانجاز الأعمال قد تؤدي في الغالب إلى التعارض بين تحقيق الأهداف والمصالح أذ أصبحت تلك التكوينات والأجهزة عامل عرقلة لتسير المصالح في تلك المرافق.
لاشك أن التأخير في تحقيق الأهداف التي أعلنها المجلس عند الإعلان عن انطلاق تكوينه قد أصاب كثير من القوى الجنوبية بالفتور وزرع عندهم عدم المصداقية في انجاز المهام من قبل قيادة الإنتقالي فكان تبعا لذلك بروز تكوينات جديدة وبأهداف جديدة تغرد خارج سرب اتحاد رقعة الجنوب المنشود فبات يسمع من هنا ومن هناك دعوات الإنفصال عن اتحاد المحافظات الست لجمهورية اليمن ما قبل عام ١٩٩٠م كدعوة مجلس قبائل حضرموت الذي يلوح بين الحين والأخر صراحة او ضمنا بإقامة إتحاد مستقل لمديريات حضرموت ربما تشمل بعض المحافظات المجاورة سواء كانت تلك التصريحات نابعة من نوايا شخصية أو فردية لبعض الشخصيات البارزة في تلك المحافظات او تنفيذا لأجندات إقليمة.
على ضوء تلك المستجدات بات على قيادة الإنتقالي التعجيل في انجاز المهام وفق برنامج الإعلان واللوائح التي تنظمه لأن التراخي في التنفيذ سيؤدي إلى انفراط العقد وتناثر حباته وحينها لن يستطيع التقاط اللألأ الست بسهولة وإعادة نظمها في العقد
فهل ٱن الأوان لاستكمال المهام وتحديد الأهداف والبدء بمشروع إعلان استعادة الدولة وفك الأرتباط عن الدولة الإتحادية التي لم تعد تلبي مصالح المواطن الجنوبي .
عصام مريسي