آخر تحديث :الأحد-01 يونيو 2025-06:15ص

التدهور المستمر في الحياة العامة أصبح جزءاً من يومياتنا التي لا تفارقنا.

الخميس - 27 مارس 2025 - الساعة 12:13 ص
عادل القباص

بقلم: عادل القباص
- ارشيف الكاتب


حسبنا الله ونعم الوكيل


التدهور المستمر في الحياة العامة لم يعد مجرد واقع مقلق بل أصبح جزءاً من يومياتنا التي لا تفارقنا. هذا التدهور هو نتاج طبيعي للمماحكات السياسية التي لا نهاية لها في هذا البلد، حيث نصحو وننام ونحن غارقون في المهاترات والتراشق الإعلامي بين هذا الكيان والآخر. كل طرف يرى نفسه الأحق بما سواه، وكل كيان يتجاهل معاناة المواطن. والأمر الأكثر مأساوية هو أن هذه الكيانات تعتمد على الخارج في شؤونها الداخلية وتسيير شؤونها ، وهذه هي الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها، وإن كانت مرّة على البعض .


لقد سعى الجميع إلى السيطرة دون أن يكون هناك رؤية أو خطة سياسية واضحة لبناء الدولة الحديثة دولة المؤسسات والنظام والقانون . وكما هو متوقع، فإن غياب هذه الرؤية يؤدي إلى مزيد من التدهور. وفي ظل هذا الواقع المؤلم ، يذهب البعض إلى طوابير يندى لها الجبين، مطالبين بالمساعدة على مشاريع الحوالات النقدية أو الإعانات الشهرية أو السلل الغذائية ، بسبب الفقر المدقع. وهو فقر يعيشه المواطن رغم أنه يسير فوق خيرات وكنوز وثروات وطنه التي لاتحصى . لكن للأسف، لم تجد هذه الثروات من يحسن استثمارها لخدمة الشعب . لم تكن هناك قيادة حكيمة تستطيع أن تقدم أبسط الخدمات الأساسية، ولم يتمكن أحد من ترجمة الأقوال إلى أفعال . بل أن الجميع مشغول بمصالحه الشخصية ومصالح أبنائه ، والحملات الإعلامية التي يشنها كل طرف ضد الآخر ، في الوقت الذي يعم فيه الفساد المالي والإداري في حكومة هشة ، لا تستطيع اتخاذ أي قرار سيادي دون تعليمات من الخارج ، التي لا تهتم بمصالح هذا الشعب ، بل بمصالحها الخاصة. ومن هنا، تدمير البنية التحتية للوطن يعد جزءاً من الواقع الذي نعيشه ، وقد استمر هذا الوضع طوال (11) عاما من التدهور المستمر إلى يومنا هذا .


ومن المفارقات المؤلمة، أن بنكنا المركزي، الجهة المعنية بإدارة الشأن المالي في البلاد، يقف ساكناً في وجه التدهور المتسارع للعملة المحلية. ففي هذا اليوم الأربعاء السادس والعشرون من رمضان وصل السعودي الشراء ( 2,308 ) والبيع ( 2,330 ) ، لم نجد أي تدخل من البنك المركزي أو أي بيان يوضح كيف سيتم معالجة هذا الوضع الخطير . وهذا السكوت من قبل الجهة الوحيدة المعنية يعكس عجز الدولة عن مواجهة الأزمة الاقتصادية.


إن هذا التدهور في العملة المحلية يؤدي إلى زيادة الغلاء الفاحش في الأسعار، مما ينعكس على مستوى المعيشة بشكل متسارع. ومع غياب التسويات في مرتبات الموظفين، أصبح المواطن يعاني من جشع التجار وتزايد تكاليف الحياة. وبالطبع ، فإن السكوت على هذا الوضع من قبل المواطنين والموظفين يزيد من تعميق الأزمة ويدفع شرائح جديدة من المجتمع إلى حافة الفقر. والشواهد على هذا الواقع واضحة في كل مكان وربنا سبحانه وتعالى يمهل ولايهمل .


يا مسلمين وياحكومة وفي هذا الشهر الفضيل وقدوم عيد الفطر المبارك ، كفى معاناة لشعبنا. كفى من تصارع المصالح الشخصية والحملات الإعلامية التي تزيد الوضع سوءاً. قد آن الأوان لأن نوقف هذا التدهور الذي يهدد أساسيات الحياة للمواطنين ، ويزيد من معاناتهم اليومية. لا وقت للقتال من أجل مصالح زائلة، فقد أصبح واضحاً أن معركة المواطن مع الفقر والغلاء الفاحش والمعاناة الصحية والأوبئة هي المعركة الحقيقية. فليترحم من في الأرض على هذا الشعب الذي يعاني، وارحمو من في الأرض يرحمكم من في السماء .


وحسبنا الله ونعم الوكيل .