مع اقتراب حلول عيد الفطر المبارك، يطل مُعاتباً الظروف والأزمات والغلاء الفاحش، تلك الآفات الاجتماعية وأوضاعها المأساوية التي أصبحت كاهلاً أمام المواطن ولم تتزحزح منذ عام 2015!
العيد يُقبل ويستقبل بهذه الصورة، قلوب تتألم ومعاناة تتزايد، ووضع يتفاقم، جراء النكبة التي عاشها الشعب خلال عشر سنوات عجاف.
عشر سنوات مرت ومرارة المعيشة يتجرعها المواطن ملحاً إجاجاً. فترة زمنية مضت وتذوق فيها المواطن علقم غلاء الأسعار وتدهور أوضاعه المعيشية، وانهيار العملة المحلية، يأتي ذلك بعد انهيار للقيم والمبادئ والضمير لدى الذين فرضوا الوصاية والهيمنة على إدارة شؤون البلد الجريح.
كل الأوضاع الصعبة هي من مخلفات الحرب التي عضت بنواجذها في هذا البلد واستباحت كل حياة الشعب، صنعت كوارث اجتماعية وإنسانية واقتصادية، ووصل حال الناس إلى الحضيض من المعاناة، وأصبح نصيب الشعب يتقاسمه (ثلاثي الموت): الفقر، الجوع، والمرض.
ومع كل المناسبات الدينية والإسلامية، يزداد صُراخ الشعب المطحون من الجشع التجاري لتجار فقدوا الضمائر، وماتت فيهم الإنسانية، فلعبوا بمحورهم لعبة الجلاد العظيم ليكون الشعب الضحية دون سواه.
عند اقتراب عيد الفطر المبارك، يعاني المواطن من ارتفاع غلاء الملابس، وهو استغلال تجاري بحت، ولم يُراعَ مع هذا الشهر الفضيل الظروف التي يعيشها الشعب، وخلقت أمامه أزمات مصطنعة يتم الإعداد لها عند كل مناسبة. وهو مشهد واضح يعبر عنه واقع حقيقي يلتمسه المواطن مع قرب العيد في ظل صمت مُطبق وضمائر ميتة.
صناع الأزمات، هكذا صنفهم الشعب ذاته، فهم من دون غيرهم من يعكرون حلاوة أفراح العيد ويعطون عكساً للسعادة. هؤلاء الصنف من البشر المغلفة قلوبهم، الممارسون بطرق احترافية لصناعة الأزمات وتفاقم الوضع الإنساني في البلد دون رقيب أو حسيب.
حكايات وقصص مع الأطفال والآباء تدمي القلوب مع قرب حلول العيد السعيد، تجسدها بطولة أحقر المهيمنين النافذين والمتسلطين على هذا البلد، حين جثموا عليه بالمراهنة على كافة أوضاعه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية، ما يعطي الاستبيان عن مصير مجهول لهذا الشعب وقيادته.
وهكذا يبقى لسان حال المواطن يقول: العيد سعادة وفرحة وسرور، ولكن هناك من يعكس أفراحه وسعادته ليتفنن فيها صُناع الأزمات ليمارسوا أبشع صور التعذيب بحقوقه.
بهذا الحال المزري يقف الشعب على عتبات العيد مودعين شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، شهر النور والخير، شهر العبادة، شهر الصيام والقيام، شهر كرم الله به عباده المسلمين. وفيه تتجلى نفوس وقلوب العباد بالخضوع والتذلل لعظمة الجبار العزيز، رافعين أياديهم لله عز وجل وحده أن يُغير حالهم ويخذل المتخاذلين الطغاة تجار الحروب.
في شهر خير من ألف شهر، يسارع الإنسان بفعل الخيرات، يستغل فيه العبد ليضاعف حسناته بكل الأعمال، إلا أن صُناع الأزمات وتجار المبيعات سارعوا في أسوأ الأعمال والممارسات التي تعكر مزاج الشعب وتعكس سعادة الأطفال، فبئس العبد الظالم الفاجر.
العيد أقبل في يوم عظيم، تتهيأ الأمتين العربية والإسلامية للاحتفال بعيد الفطر المبارك، عيد فيه العزة والنصر والتمكين للإسلام والمسلمين، ينادون ربهم أن يُرفع عنهم الوضع الكارثي الذي ضرب الشعب.
إنها نفحات العيد وبدأ شذاها يفوح في الأقطار العربية. في العيد سعادة وفرح وسرور وفخر بهذه المناسبة الدينية. هذا ما عرفه المسلم عن شعائر الله منذ وجوده في الأرض.
ولكن ما يكون العكس لأناس ضعفاء يفتعلون أزمات خانقة يعكسون منها حلاوة العيد وتعكير مزاج الآخرين. وهذا ما يمارسه الفاسدون العرابيد الظلمة الفجرة من صنف البشر.
كلما حاول المسلم أن يتغلب على ظروفه ليزرع في نفسه الفرحة، إلا أن هناك طغاة في الأرض ممن عاثوا فيها فساداً يعطون ألواناً أخرى في الأجواء العيدية.
نسأل من الله أن يُبلغنا وإياكم رمضان في أعوامه القادمة، وخواتم مباركة، وعيد سعيد ومبارك، وكل عام والجميع بخير وصحة وسعادة.
اللهم أجر الشعب من مصائبه، وأخلف له خيراً منها.