من قلب الوطن المنهك، ومن شعب أثقلته التجارب والخذلان، نوجّه إليكم هذه الرسالة، وأنتم تلتقون في لحظة استثنائية من تاريخ حضرموت واليمن كله.
اجتماعكم في الهضبة ليس فعلاً سياسيًا عابرًا، بل خطوة نادرة تنبض بالأمل، وتؤسس لمرحلة جديدة من النضج الحضرمي، حيث يرتفع الصوت الحضرمي ليقول: كفى تهميشًا، كفى وصاية، كفى عبثًا بمستقبل حضرموت وأبنائها.
نحييكم على هذا اللقاء، الذي جاء في توقيت دقيق، بين محاولات الهيمنة والإقصاء، وبين أصوات الداخل التي تنادي بحق حضرموت في تقرير مصيرها، وإدارة شؤونها الأمنية والعسكرية والاقتصادية بنفسها، دون تبعية لعدن أو صنعاء أو غيرها.
لقد أثبتم بهذا الاجتماع أن حضرموت ليست هامشًا في المعادلة، بل ركيزة أساسية، وصاحبة إرث سياسي وثقافي واجتماعي يجعلها قادرة على أن ترسم طريقها بخطى واثقة.
ما تقومون به اليوم هو تجسيد عملي لإرادة شعب حضرموت الذي صبر طويلًا، وتحمل كثيرًا من الظلم، وتوارى خلف شعارات لا تنصفه، ومشاريع لا تمثله.
نقولها بوضوح:
حضرموت لم تكن يومًا ضد الجنوب، ولم تكن ضد اليمن، لكنها كانت دائمًا مع العدالة، مع الندية، مع احترام الذات، ومع الشراكة الحقيقية. واليوم حين تطالب حضرموت بحقوقها، فإنها لا تطالب بامتيازات، بل تطالب بما هو لها أصلًا.
رسالتي لكم، يا من اجتمعتم في هضبة الكرامة:
امضوا بثقة، وابقوا على العهد، واصنعوا هذا التحول التاريخي بعقل الحكمة وضمير المسؤولية. لا تلتفتوا للضغوط ولا للمزايدات. فأنتم الآن تمثلون صوت الإنسان الحضرمي الذي ظلّ لعقود يسأل: “متى نكون؟”
كونوا كما أنتم اليوم… صوت حضرموت المستقل، الحر، الكريم.
واجعلوا اجتماعكم خطوة أولى في مسار طويل نحو حكم رشيد، قائم على الشفافية، والكفاءة، والانتماء الصادق لهذه الأرض الطيبة.
ختامًا، كل الشكر والاحترام لكل من حضر، ولكل من آمن أن حضرموت ليست تابعًا، بل شريكًا في القرار، وصاحب حق في القيادة.
والتاريخ لن ينسى من وقف في لحظة الحقيقة، وقال: “حضرموت أولًا، لأجل حضرموت وكل اليمن.”
اللواء الركن/ سعيد الحريري
