آخر تحديث :الثلاثاء-01 يوليو 2025-11:29م

الحقيقة المغيبة عن المشهد اليمني

الإثنين - 14 أبريل 2025 - الساعة 06:18 م
فيصل الصفواني

بقلم: فيصل الصفواني
- ارشيف الكاتب


يزداد المشهد اليمني تعقيدا وبعدا عن الحلول الممكنة، كلما اقتربنا من نقاط التماس بين ما هو محلي وخارجي سوء كان هذا الخارجي اقليمي او دولي .

فالمشكلة اليمنية وان كانت في ظاهرها قائمة على الصراع بين اطراف محلية متعددة في الداخل اليمني، الا ان هذا الصراع في الداخل ليس بمعزل عن صراعات اقليمية ودولية.

مع الفارق ان الصراعات بين الاطراف الخارجية صراعات سياسية واقتصادية ناعمة فيما الصراع الذي تخوضه الاطراف اليمنية في الداخل صراع عسكري وامني ،كلفته باهظة الثمن على حياة اليمنيين بمختلف أطيافهم بغض النظر عن اختلاف الخنادق المتمترسين فيها ضد بعضهم البعض.

ولسنا ممن يقول بالتآمر الخارجي على اليمن، لان المستويات التي وصلت إليها الاوضاع اليمنية في الداخل أصبحت تثير إشفاق الاطراف الخارجية مهما كانت نزعاتهم الاستغلالية.

ومن الطبيعي والمعقول ن ندرك جيدا ان فقرات الصراع الداخلي وسيناريوهاته المتعددة تمليها اجندات اطراف خارجية يسعى كل منها للخروج بقدر يرضيه من المكاسب السياسية والاقتصادية على حساب دماء اليمنيين ومصالحهم ومصالح اجيالهم المستقبلية.

ولعل ما يدفعني للخوض في هذا الموضوع ،اني سمعت احد المهتمين العرب بالشأن اليمني يقول لقناة فضائية الاسبوع الماضي "ان اليمنيين دخلوا مرحلة التيه ولا يمتلكون حلا لمشكلتهم".

وهذا التصور براي مخالف للصواب لان استمرار المشكلة اليمنية لا يرجع لانعدام الحلول المثالية في الداخل بقدر ما يعزى إلى عدم استقلال الاطراف المتصارعة في الداخل اليمني وضعف ادوارهم الهزيلة.

والمعروف من تاريخ الصراعات اليمنية السابقة والراهنة ان الاطراف المتقاتلة في الداخل لا تملك قرارا ايقاف الحرب أو الدخول في سلام ،لانهم يقاتلون بالأجر المدفوع.. وبهذا الخصوص قال شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني واصفا حرب الجمهورين والملكيين في قصيدته الشهيرة "غريبان وكانا هما البلد":

مارستُ ياعمُ حرب السبع متقداً

تقودني فطنةً أغباء من الوتدِ

كانت بلا ارجلٍ تمشي بلانظرٍ

كان القتالُ بلا داعٍ سوى المددِ.

وحاليا قد تشكلت قناعات تامة لدى عامة اليمنين في الداخل انهم بأمس الحاجة لتسوية عامة مهما كانت نتائجها وليس مهما من المنتصر أو المهزوم.

ولكن الحقيقة المرة ان الواقع اليمني أفقر ما يكون لعوامل الحسم ولا يوجد أي طرف محلي يمتلك القدرة على حسم الصراع لصالحه أو فرض مشروعه على الاخرين.

فقد اقتضت سياسة الاطراف الاقليمية ومن خلفها الدولية أن تبقى قدرات الاطراف المتصارعة في الداخل تتناسب مع طبيعة ادوارهم كأدوات ممثلة للقوى الاقليمية والدولية ولا يسمح لهم ان يذهب بمستويات الصراع لابعد من منطقة تغذية الثأر السياسي وتمزيق النسيج الاجتماعي بين المتحاربين.

وعندما يتفق الرعاة الخارجين، سنفاجئ بتسوية للصراع اليمني، ولكن تسوية تتجاوز كل الاطراف المتصارعة.

وعندها فقط سيدرك جميع المهتمين في الداخل والخارج ان هؤلاء المتصارعين لا يتحلون باي فضيلة إخلاقية ولايراعون مصلحة اي مواطن يمني.

بل وسيعلم المنخدعين بهم ساعتها، إنهم ليسوا صادقين حتى في تمثيل الشعارات المناطقية أو المذهبية أو الحزبية التي جعلوا منها مبررات غوغائية لإعلان حروبهم التدميرية لسنوات.