آخر تحديث :السبت-19 أبريل 2025-02:00ص

إن لم تُنصفوا المعلّم، فلا تتحدثوا عن وطن

الثلاثاء - 15 أبريل 2025 - الساعة 12:39 م
شهاب سنان

بقلم: شهاب سنان
- ارشيف الكاتب


في الوقت الذي تنهض فيه الأمم وتُبنى الأوطان على أكتاف المعلمين، نجد في بلدنا – بكل أسف – إهمالًا ممنهجًا لهذه الفئة العظيمة، وتجاهلًا مستمرًا لمطالبها العادلة. فكم من إضرابٍ نُفِّذ، وكم من وقفةٍ احتجاجية نُظِّمت، وكم من نداءٍ أُطلق... ولكن لا حياة لمن تنادي!


شرعية ما تزال تصم آذانها عن أنين المعلمين، وتتعامى عن واقعهم المؤلم، وتخذلهم مرةً بعد أخرى. كنا نظن أن "الشرعية" تمثلنا وتدافع عن حقوقنا، فإذا بها تزداد انفصالًا عن الواقع، وعجزًا عن تحقيق أبسط المطالب: راتب كريم، كرامة مصانة، وتقدير مستحق.


نعم، ننتقد ميليشيا الحوثي على ما اقترفته من نهب وتدمير لمؤسسات الدولة، لكن ما هو عذر من يدّعي تمثيل الدولة الشرعية؟ أليست أولى أولويات أي دولة ناهضة هي حماية المعلّم وتهيئة بيئة تعليمية كريمة؟


المعلّم... جندي الوعي في معركة المصير .

المعلّم ليس موظفًا عابرًا، بل هو شريك في معركة الوعي ضد الجهل والتجهيل، وضد الفكر السلالي الذي يسعى لتكريس العبودية والتمييز. هو من يزرع في الأجيال حبّ الوطن، والانتماء، والوعي بحقوقهم وواجباتهم.

هو من يقف ثابتًا رغم الجراح، رغم الجوع، رغم الظلم... يحمل سبورته وطباشيره كمن يحمل بندقيته دفاعًا عن المستقبل.


ازدواجية مخجلة أبناء المسؤولين في الخارج، وأبناء الشعب بلا تعليم

ما يزيد الطين بلة، أن أبناء كثير من المسؤولين يتلقون تعليمهم في الخارج، في حين يُترك أبناء هذا الوطن بلا معلمين، أو بمدارس تفتقر إلى الطاولات والسبورات. أي مفارقة مخزية تلك؟ وأي عدلٍ هذا الذي نعيشه؟ كيف يمكن لبلدٍ أن يرتقي ومستقبل أجياله يُذبح بصمت كل يوم؟


رسالة إلى من يلبسون ربطات العنق أمام الكاميرات.

كفى تلميعًا. كفى وعودًا فارغة. إن لم تملكوا الشجاعة لإنصاف المعلّم، فانزعوا ربطات العنق والبدلات الفاخرة التي لا تليق بمن لا يحترم أول من علّمه الأبجدية.

المعلّم ليس متسوّلًا، ولا متفضّلًا على أحد. هو أساس كل شيء. ومن لا يدرك قيمة المعلّم، لا يستحق أن يتصدر مشهد القيادة.


المعلّم هو صانع الحضارة، وباني الأوطان، وقائد النهضة. أي مشروع وطني لا يضع المعلّم في صدارة أولوياته هو مشروع فاشل من أساسه.

ومن أراد النهوض بوطن، فليبدأ من المعلّم. ومن أراد الانتصار على مشاريع الجهل والتخلّف، فليحمِ أول من يحمل مشاعل النور والعقل.