آخر تحديث :الثلاثاء-06 مايو 2025-02:29ص

صرخة وعي .. قراءة في استراتيجية التحفيز

الأربعاء - 16 أبريل 2025 - الساعة 02:59 م
عبدالعزيز الحمزة

بقلم: عبدالعزيز الحمزة
- ارشيف الكاتب


بقلم: عبدالعزيز الحمزة

باحث في الشأن الاستراتيجي والنهوض الحضاري




المقال الأول: التحريض السياسي في زمن التحولات


تمهيد: السكون الذي يسبق الانهيار


ليست الهزائم الكبرى في تاريخ الأمم نتاج ضربة مفاجئة من عدو، بل هي ثمرةُ تراكماتٍ خفيةٍ من التراخي، والاعتياد، والرضا بالحدّ الأدنى من الحياة. حين يختار الناس دفءَ الاعتياد على لهيب التحول، يبدأ الانحدار... لا في ساحات القتال، بل في وجدان النفس، حين تنطفئ جذوة الوعي، وتنام العزائم في كهوف الاحباط.


المعركة الحقيقية: وعيٌ لا يُهادن


في زمن التحولات الكبرى، والسيولة الفكرية والسياسية، يغدو التحريض واجبًا لا ترفًا، وفعلًا استراتيجيًا لا انفعالًا عابرًا. فالتحريض هنا ليس شغبًا صوتيًا، بل إشعالًا مدروسًا لشعلة الوعي، واستدعاءً لحضور الفكرة في وجه طغيان الواقع.


إنه فعلُ مقاومة فكرية، ونقطة انطلاق لتحريك الساكن، واستنهاض الغافل، وتوجيه البوصلة نحو جبهة الفعل والتأثير.


السياسة لا تعترف بالحياد السلبي


في ساحات الصراع، لا وجود لمنطقة رمادية. إما أن تكون منخرطًا في معركة البناء، أو منسحبًا يمنح الفراغ فرصة لهدم كل شيء. وإن أخطر ما تواجهه مشاريع التحرر، حين تتحول النخب إلى محللين باردين بدل أن يكونوا قادة للمبادرة، ومفجّرين لطاقات التغيير.


التحريض السياسي هو انحياز واعٍ لمصالح الأمة، ورفض جذري لثقافة الرضوخ، وهو إعلان أن السيادة لا تُوهب، بل تُنتزع بثمن، وبعقل، وبإصرار.



مشروع النهضة يبدأ من المحرّض الأول


حين تتفتّت المشاريع، وتتسلل الهزيمة في شكل تبرير وواقعية زائفة، يظهر دور “المحرّض الأول”... ذلك الذي يصرخ في وجه التيار: “لن نمرّ من هنا بلا أثر!”. يحرّك المياه الراكدة، ويزرع بذور الحلم في أرضٍ كادت أن تيبس، ويوقظ في النفوس معنى الرسالة.


وما أعظمها من مهمة، أن تكون سيفًا للحق في ازهاق الباطل، ولسانًا للوعي في لحظة التيه! تأمّل قوله تعالى لخير البشر:

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ [الأنفال: 65]

ما أبلغه من نداء! وما أجلّها من وظيفة! لقد خُوطب بها من لا ينطق عن الهوى، لتكون التحريض دعامة النصر، ووقود الحركة، وصيحة الحياة في وجه التثاقل.


فإذا كان هذا الخطاب موجّهًا للنبي صلى الله عليه وسلم، أفلا يكون لنا فيه أسوة؟ أفلا نكون نحن اليوم حملة الشعلة، وموقظي العزائم، وحراس الوعي؟


الجمهورية تنادي أبناءها


ولن نستعيد دولتنا، ولن نكسر الانقلاب الحوثي ومشروعه الإمامي السلالي، إلا بتجميع الصف الجمهوري المؤمن بدولة العدل والمساواة، وتحريضه على النضال المنظم والمشروع، لا على اجترار الألم ولا انتظار المجهول. فالشتات لا يُهزم بالتمنّي، بل بوحدة الموقف، ووضوح الراية، وثبات الإرادة.


إن كل لحظة تأخير في تحفيز هذا الصف، وكل صوتٍ يتقاعس عن أداء دوره، هو سهم يُغرس في خاصرة الجمهورية ذاتها. فالوطن لا يُستردّ بالخطابات المترددة، بل بالعقول المؤمنة، والقلوب المشتعلة، والخطى الواثقة في دروب التضحيات.



دعاء البدايات الجادة


اللهم أيقِظ فينا نخوة الإقدام، وانفخ في أرواحنا شوق الثبات، واملأ قلوبنا يقينًا بأن التاريخ لا يكتبه المتفرجون، بل الذين حولوا الفكرة إلى فعل، والألم إلى مشروع، واليأس إلى حافز.

،،،،،،،،

دمتم بخير ايها الأحبة .

الاربعاء ١٦ ابريل ٢٠٢٥م