مبروك هذا عبد كان يملكه شيخ كبير في السن، وكان مبروك يقوم بكل الأعمال التي يكلفه بها سيده، يحرث الأرض ويسقي الزرع ويقوم بكل الأعمال بكل نشاط وإتقان، وأمانه وفي يوم من الأيام قرر الشيخ المسن بيع مبروك، وتفاجئ صديق الشيخ المسن من هذا القرار، خصوصاً وهو يعرف أعتماد صديقه على العبد مبروك.
وعندما علم بالأمر ذهب صديق الشيخ المسن إلى صديقه، وقال له سمعت أنك تنوي بيع عبدك مبروك، قال له نعم ورد عليه مناصحاً له بأنه لن يلقى بديل مثل مبروك ينجز له أعماله، ولكنه إذا كان مصر على بيع مبروك، فانه يرغب بشرائه، قال له صديقه أنصحك بأن تبحث لك عن عبد آخر تشتريه، ولا حاجة لك بمبروك.
فتعجب منه صديقه وعن السبب الذي دفع صديقه إلى الرغبة في بيع عبد مثل مبروك، قوي وأمين ومطيع وشجاع، وعن سبب عدم رغبته في بيعه له، وأصر على صديقه لمعرفة السبب، وأخبره أن مبروك يمتلك كل الصفات الحسنة، ولا يثني عليه أمر لأي عمل إلا نفذه، ويثق فيه على ماله وأرضه ونفسه، لكن عنده عيب واحد بأنها تأتيه عنصة من وقت إلى آخر، بصورة لا إرادية، وعندما تأتيه العنصة يضرب سيده، وبسبب كبر سنه وعدم قدرته على تحمل عنصة مبروك وضربه، بات يخشى على نفسه منه وقرر بيعه.
فكر صديقه في أمر مبروك، وسأله كم تأتيه العنصة مرات في العام، قال له صديقه حوالي مرتين، فقرر أن يشتريه وقال لصديقه، أنا مستعد أتحمل عنصة مبروك مرتين في العام، وما يقوم به من أعمال طيلة العام يستحق أن أصبرعليه، وأشترى مبروك من صديقه، وأستمر معه قرابة نصف عام والأمور طيبة.
إلى يوم من الايام، قرر الذهاب لزيارة صهره على مسافة يومين، وقال لمبروك حضر لنا زاد يومين وحضر نفسك، سوف ننطلق في الصباح، وتحركوا حتى إذا بهم قريب من القرية التي يقصدونها، قطعهم سيل كبير، والرجل يعرف بأن هذا السيل عندما يعبر الوادي، لا يتوقف الا بعد يومين أقل تقدير، والزاد الذي معاهم قد أستهلكوه، وكان يشرح الوضع لمبروك، بأن جميع الخيارات صعبة، وأنهم لم يعد معهم زاد يكفي لعودتهم مسير يومين، ولا يستطيعون البقاء ليومين حتى يتوقف السيل بسبب نفاذ الزاد.
لكن مبروك العبد الوفي والشجاع، قال لسيده لا تهتم هذا الأمر سهل، وأنا أسبح في سيول أكبر من هذا، ويمكنني أن أعبر السيل بك، أطلع فوق ظهري وسوف أعبرك، وفعلاً طلع على ظهره وعبر به الوادي، وكان مبروك سباح ماهر حقيقة، لكنه بعد أن تجاوز منتصف الوادي، نادى سيده وقال له سيدي العنصة جاءتني، والرجل يحاول معه أخرجني من الوادي وخلها تجيك، لكن مبروك عندما تأتيه العنصة يفقد عقله وصوابه، وأسقط صاحبه من على ظهره للسيل يسحبه.
والشاهد من القصة، أن مبروك كانت فيه خصال طيبة كثيرة، وخصلة واحدة فقط كانت سيئة، وهي العنصة لكنها كانت كافية بأن تهلك سيده، لكن الإنتقالي من يوم زعم التفويض، وهم كل يوم تجيهم العنصة، لكن العمل والله ماقدموا حاجة دي نشكرهم عليها.
احمد علي القفيش