آخر تحديث :الثلاثاء-06 مايو 2025-02:29ص

وحدتنا وعيٌ لا شعار…

الجمعة - 25 أبريل 2025 - الساعة 05:19 م
عبدالعزيز الحمزة

بقلم: عبدالعزيز الحمزة
- ارشيف الكاتب


وتمزيقُ الجبهةِ الداخلية خيانةٌ لا اجتهاد، والارتهان لمشاريع خارجية خطر وجودي!

(ضمن سلسلة مقالات: صرخة وعي: قراءة في استراتيجية التحفيز)


عشرُ سنواتٍ من الحرب والخذلان… والمجتمع الدولي ظل يتعامل مع جماعة الحوثي بنعومةٍ دبلوماسيةٍ وتردّدٍ قاتل، سمح لها بالتمدد والتمكين، حتى أغرقت اليمن في نيران الانقلاب والطائفية.

اليوم، بعد أن تعدّى طيش الحوثيين حدود الجغرافيا اليمنية، ولامس خطوط المصالح العالمية، نشهد تغيرًا نادرًا في المواقف الدولية. ليس حبًا فينا، بل لأن العبث الحوثي بات يهدد الاستقرار الإقليمي والدولي.

لم تعد الجماعة تمرّ عبر خطاب "المظلومية"، بل تُصنّف في دوائر القرار الدولي كتهديدٍ إرهابي عابر للحدود.

وهنا، نخاطب قيادة الشرعية: لا تتركوا هذه اللحظة التاريخية تمرّ كسابقاتها. إنها نافذة نادرة، والعالم لم يعد يمنع انتصاركم، بل يرقب مبادرتكم.

التحرير يبدأ من الداخل

إن أولى جبهات المعركة ليست على تخوم صعدة أو جبال مران، بل في عقولنا وضمائرنا وقراراتنا.

الوعي هو السلاح الأسبق للنصر، والبوصلة هي أول العتاد. فإن ضاعت البوصلة، لن تُجدي كثافة النيران، ولن يُصلح خلل القرار كثرة التحالفات.

فهل نملك شجاعة الانتصار على أنفسنا أولًا؟ هل نجرؤ على نقد الذات ومراجعة الحسابات، وتغليب الوطن على الفصيل، والجمهورية على المرجعية؟

إن لم ننتصر على التشرذم، فلن ننتصر على الانقلاب.

الوعي... أول المعركة والسلاح الذي لا يُكسر

الوعي ليس رفاهًا نخبويًا، بل شرط النصر ومفتاح الخلاص.

من لا يُدرك طبيعة عدوه لن يُفلح في مواجهته، ومن لا يُحسن قراءة لحظته سيضيع فرصتها.

فليكن واضحًا: معركتنا وجودية، لا سياسية فقط. والحوثي ليس خصمًا انتخابيًا، بل مشروع تدميرٍ شامل، وانقلاب دموي مدعوم بخطاب طائفي يهدد الهوية الوطنية.

إن الأصوات التي تُلبس الخيانةَ ثوبَ الاجتهاد، وتحاول تجميل الحوثي تحت ذرائع الماضي، لا تمارس النقد، بل تخوض في وحل التبرير والتضليل.

الحوثي ليس رأيًا ضمن طيف سياسي… بل سرطان أيديولوجي، وسيفٌ مسموم في قلب الدولة.

وأي تماهٍ معه هو سقوط أخلاقي واستراتيجي. وأي تردد في مواجهته، هو خيانةٌ مؤجلة بحق الأجيال القادمة.

الجبهة الداخلية... جدار الجمهورية الأخير

وحدتنا ليست شعارًا، بل شرط وجود، وخط الدفاع الأخير أمام الانهيار.

حين تتحوّل الخلافات السياسية إلى معارك عبثية، وتُستدعى الأحقاد القديمة في لحظة خلاص، فإننا لا نمارس تعددية، بل نحفر قبر الجمهورية بأيدينا.

وإننا لن نستطيع تجاوز هذا التصدع إلا عبر نداء وطني شامل، يدعو للترفع عن صغائر الخلاف، وتفعيل ميثاق شرف سياسي، يجرّم خطاب التشظي، ويُكرّس ثقافة الاصطفاف في لحظات المصير.

دعونا ننتصر أولًا… ثم نختلف لاحقًا.

المجلس الرئاسي… بين التوافق والعجز

هل يدرك مجلس القيادة الرئاسي أنه ليس هيئةً إداريةً عادية، بل العقل السيادي للجمهورية في أخطر مراحلها؟

إن أي ترددٍ أو ارتباكٍ يصدر عنه يُترجم في الميدان ضعفًا، ويُقرأ في الداخل والخارج كعجزٍ عن القيادة.

تعدد الأجندات داخل المجلس، وغياب الحسم في الملفات المصيرية، وتراجع دوره في قيادة المشهد، كلها عوامل أسهمت في إطالة أمد الانقلاب.

ولن ينجو اليمن، ما دام المجلس سجين التوافقات الشكلية، لا متبنٍ لقرار وطني جامع.

نحن بحاجة إلى مجلس قيادة حقيقي، يمتلك الإرادة، ويعيد هيكلة أدوات الدولة على قاعدة "الولاء للوطن لا للجهة"، ويجعل معيار الاستمرار فيه: القدرة على حماية الوطن، لا تمثيل المناطق.

القوى السياسية… لحظة اصطفاف وطني لا مساومة حزبية

إلى القوى السياسية كافة:

كفى دورانًا في حلقة الخلافات العقيمة.

اللحظة وطنية، لا حزبية… والواجب الآن اصطفاف استراتيجي خلف مشروع واحد: دحر الانقلاب، واستعادة الدولة.

تجاوزوا انقساماتكم… توحّدوا على رؤية جامعة.

واعلنوا اصطفافًا وطنيًا واسعًا، تحت شعار: "التحرير أولًا… والدولة فوق الجميع"،

واشترطوا على المجلس الرئاسي أن يمثل الوطن لا الفصيل، ويقود الدولة باسم الشعب لا باسم الأطراف.

فمن لا يرى الحوثي عدوا، لا يستحق شراكة القرار الوطني.

القرار اليمني بين السيادة والارتهان

لم يعد خافيًا أن بعض القوى ارتضت أن تكون امتدادًا لمشاريع الخارج، تُدار بريموت إقليمي، وتُسقط القرار اليمني من عليائه إلى قعر التبعية.

لقد آن أوان استعادة سيادتنا الوطنية.

من خلال حوار ناضج يعيد ضبط العلاقة مع الخارج، على قاعدة الشراكة لا التبعية.

التحالف مرحّب به، ولكن لا مكان للانبطاح.

فالنصر لا يأتي إلا من داخل قرار يمني حر، لا من حسابات السفارات.

صرخة نصر… من رحم الوحدة يولد الفجر

أيها اليمنيون…

هذه فرصتكم، وهذه لحظة الامتحان الوطني.

إما أن ترتقوا إلى مستوى الوطن… أو تنكسروا في وحل الحسابات الصغيرة.

هذا زمن الحسم لا الحياد.

ليست معركتكم معركة سلطة… بل معركة كرامة ووجود.

لا أحد محايد حين تُداس السيادة، وتُغتال الهوية.

فمن يصمت على الخذلان، أو يبرر التمزق، أو يراهن على الخارج، فهو جزء من الأزمة، لا من الحل.

والحل واضح:

– اصطفاف وطني شامل

– بناء خطاب جامع

– قيادة حاسمة

– قرار مستقل لا يُدار من الخارج

لقد آن أوان القرار… وآن أوان الوعي.

وحدتنا وعيٌ لا شعار… فاحموا الجبهة قبل أن يسقط الوطن!

—------------

🌹 طابت جمعتكم ايها الأحبة

الجمعة ٢٧ ابريل ٢٠٢٥م