آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-08:58م

واقع يمني بين سلطة مستبدة وأخرى عاجزة..

الجمعة - 25 أبريل 2025 - الساعة 11:42 م
صابر الجرادي

بقلم: صابر الجرادي
- ارشيف الكاتب


تبدو مقولة ابن خلدون خالده، ولن تتغير: " الطغاة يجلبون الغزاة"، فما نعيشه في اليمن من ظلم واستبداد في كل أصقاعه يغري القوى الخارجية على الغزوا أكثر لليمن.

اليمن اليوم في الجزء المحرر_كمايُسمى_ هناك تقسيم بين عدة دول وكل منها أخذ حصته، والوضع حالي ينبئ الآن عن أطماع جديدة على ما تبقى من شمال البلاد، بالرغم أنها تُحكم وتعمل بما يخدم أجندة خارجية، ولكن هناك من يريد اليمن ككل.

منذُ سقوط اليمن بيد الح.وثي، واليمن يعاني، لهذا لم يكن الاستبداد حكرًا على طرف دون آخر، بل مارسه الجميع، كلٌ بطريقته. فقد حول الحوث.ثي_بعد تحرير مساحة كبيرة من اليمن من يده_فيما تبقى من الأرض وفي المناطق الأكثر إكتضاضًا بالسكان، من ثائر ثار ضد سلطة سابقة لم ترى البلاد النور خلالها، إلى سلطة قهرية، يحكم بالسلاح والعقيدة، أكثر ظلما وقهرا للأخرين من السلطة السابقة التي شاركته سقوط اليمن بيده، ويكأنه لا يذكر ما كان في السباق، فصار أسوأ، يُقصي الجميع، ويُجند ، ويخنق الحريات باسم "الولاية" والعدوان الخارجي، وبشارات أكثرها تبريرا منه، أنه المدافع الوحيد عن اليمن. ومن جهة أخرى، تعاقبت حكومات في تمثيل ما يُسمى بـ"الشرعية"، ومنذو تحرير الجزء الأكبر من البلاد من جماعة الحوث.ي، إلا أنها لم تقدّم للمواطن سوى الخيبة والفشل، والعيش في انتظار منحة أو قرار خارجي، سلطة لا تملك من أمرها شيء، حتى صارت الدولة تُرى_فقط_في وسائل الإعلام، والأسوأ هو تقسيم ذلك على ما يسمى بالمجلس الرئاسي الذي كل عضو منه يحكم جزء من البلاد، فثد تم تقسيم الجزء من البلاد الذي لا تسيطر عليه جماعة الحوثي إلى أقسام عديدة..


إن حقيقة الحوث.ي بمغامراته ومشروعه القائم على السلالة والعنف جرّ البلاد إلى أتون الحرب، ثم جاء المجلس الرئاسي ليكمّل مشهد العجز، بسلطة لا تملك من القرار شيئًا ولا تجرؤ على مخاطبة الناس بلغة الإنجاز، فمنذ توليها سلطة الحكم لم تُقدم للشعب غير مزيد من الغياب والتخبط، وسوء الأوضاع، والمعيشة، فيعيش الناس بلا كهرباء، بلا ماء، بلا رواتب، وزيادة في أسعار صرف العملات الأجنبية، كأن الحياة نفسها أُسقطت من حسابات من يحكم.


تأكلت البلاد التي تم تحريرها من الجماعة، والأسوأ منذ تشكيل المجلس، والبلد يموت ببطء. وجوه تتبدّل، مناصب تُعاد تدويرها، دون أن تُحدث فرقًا. يُكافأ الصامت، ويُرفع من لم يفعل شيئًا ، تُدار البلاد بذهنية موظف لا قائد . فنجد كلما زاد الفشل، زادت الشعارات عن "استعادة الدولة" و"تحرير صنعاء". ولهذا نجدهم في الحقيقة بهذه الشعارت ذذ توليهم سلطة الحكم لم يحرروا محافظة واحدة من معاناة الناس، حتى نقول أنهم سيحررون صنعاء.


إن الحقيقة هي أن الأزمة لا تقف عند حدود الفشل الإداري فقط. بل هي أزمة غياب مشروع وطني شامل لدى جميع أطراف الصراع في كل البلاد. اليةم صرنا نعاني من أزمة نخبة أعمتها الكراهية للخصم الداخلي، عن رؤية المخاطر الكبرى. فبينما ينشغل الجميع بالصراع الداخلي، تُترك البلاد فريسة سهلة لأطماع الخارج، وهذا ما نأمل أن لا يحدث. اليمن، بهذا الموقع الاستراتيجي، بهذا البحر الطويل الذي يمتد بطول يزيد عن 2200 كيلومتر، وبهذه الجزر الكثيرة، الواقعة في أماكن أستراتيجية والموانئ التي لو أعيد تشغيلها بشكل مناسب لصارت اليمن من أقوى الإقتصادت في العالم، يموت الناس فيه من الجوع، ويعيش 80%من سكانه تحت خط الفقر..


كل ذلك يندرج ضمن حقيقة مقولة ابن خلدون: الطغيان الداخلي، سواء كان دينيًا أو سياسيًا، هو الباب الأوسع لدخول الغزاة. والشرعية حين تفقد صلاحيتها الأخلاقية والعملية، تفتح هي الأخرى الباب نفسه. وعندما يغيب المشروع، تتقدم المشاريع البديلة، من الخارج، لا لتُعين بل لتستحوذ، فحقيقة التاريخ معروفة أن لا أحد يساعدك بالمجان!


في الختام إن ما نأمله هو أن تمر_اليمن_ من هذه الحرب دون أن تُصبح مطمعًا لكل طامع، ومسرحًا لصراع القوى الكبرى، مع أنها فعلا كذلك، ولكن نتمنى أن لا يزيد. فالبلاد اليوم بحاجة إلى من ينهض بها من الداخل، لا إلى من ينتظر الحل من الخارج. بحاجة إلى قيادة لا ترى في الحكم غنيمة، بل مسؤولية، ولا في الناس عبئًا، بل أمانة. بحاجة إلى من يرى في الوطن ما يستحق أن يُحمى ويُبنى، لا أن يُدار بالريموت من الخارج أو بالعصا من الداخل.

وأقولها من قرأتي المتواضعة للتاريخ، أنه إذا استمرت هذه المعادلة المختلة، فسنجد أنفسنا_مواطنين، نخبًا أحزابًا _جميعًا في لحظة الندم، لحظة الفوات، حين لا يبقى شيء نملكه، لا الأرض، ولا القرار، ولا حتى الحق في الشكوى. نادمين أكثر على هذا الصمت والهراء الذي يحدث للبلاد


لذلك أطرح تساؤلا لمن يهتم لهذا الوطن:

من سيحمي اليمن من الاستباحة؟ بمشروع وطني حقيقي يضع الإنسان والأرض أولًا؟ من الذي يملك رؤية نقدية متزنة تبحث في عمق المأساة ومسؤوليات جميع الأطراف؟