آخر تحديث :الإثنين-02 يونيو 2025-09:27م

عدن حضرمية الهوية .. جذور التاريخ وتشابك الهوية"

الأحد - 27 أبريل 2025 - الساعة 11:05 ص
حسين الوحيشي

بقلم: حسين الوحيشي
- ارشيف الكاتب



عدن.. ملتقى الحضارات والهجرات

تعتبر عدن بموقعها الاستراتيجي بوابة تلاقٍ بين ثقافات اليمن الخليج والحزيرة العربية والمحيط الهندي وشرق افريقيا. لكنّ الهوية العدنية حملت بصمةً حضرميةً عميقةً، تشكّلت عبر قرون من الهجرات والتفاعلات الاقتصادية والاجتماعية، جعلت من الحضارم جزءًا لا يتجزأ من نسيج المدينة، بل صانعين رئيسيين لتاريخها الحديث.


الهجرة الحضرمية موجات تاريخية وأسباب استيطان

الهجرة المبكرة

تؤكد المصادر التاريخية أن التواجد الحضرمي في عدن يعود إلى ما قبل الإسلام، لكنّ أوثق الفترات هي القرن العاشر الميلادي، عندما نَفَت الحملة الأيوبية أعيان دولة آل يماني من شبام حضرموت إلى عدن، والتي كانت آنذاك عاصمةً للدولة الأيوبية.

- أسهم الوالي "عثمان الزنجبيلي" في تعزيز مكانة عدن التجارية خلال القرن الثاني عشر، فجذب رؤوس الأموال الحضرمية بسياسات العدل والنظام التي اتبعها.


الهجرات الاقتصادية

مع ازدهار الملاحة بين موانئ حضرموت (الشحر، المكلا) وعدن، استقر الحضارم كتجارٍ وملّاك سفن شراعية (ناخذة)، متحكمين بشبكة تجارة التوابل واللبان والبخور.


العائلات الحضرمية، أسماء تكتب التاريخ

من أبرز العائلات التي ارتبطت بمسيرة عدن

العيدروس، السقاف، الباهارون، البازرعة، العمودي، باشنفر، الجرو، باصبرين، باحكيم، باحميد، باسودان، باسويد، البار، بانصير، باحميش، العقبة، باغفار، الجريدي، بامسلم، بن شحنة، النهدي، باكحيل، باعبيد، بارحيم، بامشموس، باعش، باذيب، باعباد، بافضل، بالحرق، باحشوان، العماري، بن دغر، آل إقبال، آل اليماني، الكاف، باقشان، باوزير، بامدهف، بامخرمة، باشماخ، باجنيد، باصمد بالجون.


الأثر الاقتصادي

من "البقالة" إلى "العقار الابن البار" سيطرة على التجارة اليومية

احتكر الحضارم (خصوصًا من دوعن) إدارة "الدكاكين" (البقالات)، وتميّزوا بالدقة حيث كان دفتر حسابات

"الشحاري اسم العامل بالدكان" معتمد لدى محكمة عدن في الموازين النحاسية والتنظيم الصارم، حتى وُصفوا بالبخل لقدرتهم على حفظ أدق التفاصيل المالية.

اشتهروا بطباخة اكلهم بانفسهم الأطعمة الشعبية مثل "الصيادية" التي كانت تُطهى داخل الدكاكين نفسها.


الاستثمار العقاري

حوّلوا أرباحهم التجارية إلى شراء عقارات وتأجيرها، حتى أُطلق على العقار لقب "الابن البار" لدوره في ضمان الدخل المستدام.


الملاحة البحرية

برعوا في صناعة السفن الشراعية وإصلاحها، وارتبطت أسماء عائلات مثل

بازهير وبن يامين باحمص بملاحة المحيط الهندي.


الهوية الثقافية من اللباس إلى الفنون

الزي الحضرمي الشحاري العومل بالدكان " المميز ارتدى الرجل الجرم الأبيض (ثوب يشبه الزي العسكري) مع حزام من الخوص (حبل) يثبت "الإزار"، و"الشنبل الصيني" (نوع الحذية المطاطية). وكانوا يتحولون إلى "الشميز والكوفية" في المناسبات.


اشتهر الحضارم بعدن كرجال دين ومعلمين


الإسهام الفني

برز فنانون مثل بامخرمة، باجنيد، بلفقية بامدهف، باسويد، بن شامخ الذين نقلوا الدان الحضرمي إلى الساحة العدنية عبر الأغاني والفنون الشعبية.


الوصاية التاريخية: أمناء السلطة والمال وثق المؤرخون ثقة الدولة الأموية بالحضارم، حيث أمر معاوية بن أبي سفيان واليه على مصر "عمر بن العاص" بتعيينهم أمناء على مستودعات الأموال، نظرًا لشدة أمانتهم ودقتهم في الحسابات والمعايير المالية.


المراجع وأدوات البحث

المصادر التاريخية

كتاب "تاريخ عدن" لـ ابن المجاور.

وثائق الأرشيف البريطاني المتعلقة بتجارة المحيط الهندي.

الدراسات الحديثة

بحث "الحضارم في المهجر" لـ عبدالله السقاف .

- دراسة "الهجرة الحضرمية وتأثيرها في عدن" من مركز دراسات الجزيرة العربية.

3. المقابلات الشفوية، روايات كبار السن من العائلات الحضرمية في عدن.


عدن.. حيث تصبح حضرموت هوية

لم تكن الهجرة الحضرمية إلى عدن مجرد انتقالٍ جغرافي، بل كانت نقلًا لثقافةٍ كاملةٍ من الدقة المالية والانضباط التجاري والإرث الاجتماعي، صنعت هويةً عدنيةً متشبعةً بالروح الحضرمية، ما زالت آثارها ملموسةً في العمارة والأسماء والأسواق حتى اليوم.