في ظل الأزمات الاقتصادية التي تمر بها اليمن، وعلى رأسها التدهور المستمر للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية، يُعد التعامل بالعملة الأجنبية من القضايا المهمة التي تستدعي اهتمام المجلس الرئاسي والحكومة والسلطة المحلية والبنك المركزي. ، حيث تفاقمت أزمة التعامل بالعملات الأجنبية (خاصة الريال السعودي والدولار الأمريكي) في المعاملات اليومية، بدءًا من إيجارات العقارات وصولًا إلى التبادلات التجارية بين التجار. إن هذا الوضع يستنزف مخزون البلاد من العملة الصعبة ، مما يدفع بسعر الصرف إلى مستويات قياسية ويُثقل كاهل المواطنين.
هذا التحوّل الخطير يزيد من الطلب على العملة الصعبة، مما يرفع سعر صرفها مقابل الريال اليمني ويسرع من تدهور قيمة العملة المحلية. فما هي تبعات هذه الظاهرة؟ وما الحلول العاجلة لمواجهتها؟
*تبعات التعامل بالعملة الأجنبية* :
لم يعد خافيًا على أحد أن اعتماد العملة الأجنبية في المعاملات الداخلية يمثل تهديدًا حقيقيًا للاقتصاد الوطني. فهو يقوض جهود الحفاظ على قيمة الريال اليمني، مما ينعكس سلبًا على الحياة اليومية للمواطنين, ويُضعف قدرة البنك المركزي على إدارة السياسة النقدية بفاعلية فالكثير من المعاملات التجارية، بما في ذلك الإيجارات والتبادل التجاري، تتم الآن بالعملة الأجنبية، مما يزيد من العبء المالي على الأسر ويؤثر سلبًا على القدرة الشرائية، مما يجعل التعافي الاقتصادي أكثر صعوبة وتعقيدًا على المدى الطويل.
*المسؤولية المشتركة* : من أين يبدأ الحل؟
إننا أمام مسؤولية وطنية تقع على عاتق المجلس الرئاسي والحكومة والسلطات المحلية والبنك المركزي اليمني، تستدعي اتخاذ إجراءات حاسمة وفورية لوقف هذا النزيف. وتقع مسؤولية مواجهة هذه الأزمة على عاتق عدة جهات، وهي:
1 *. المجلس الرئاسي والحكومة* :
- إصدار تشريعات تلزم جميع التعاملات المحلية بالريال اليمني، مع فرض عقوبات رادعة على المخالفين.
2. *السلطات المحلية* :
- تشديد الرقابة على الأسواق والمؤسسات الخدمية (مثل الإيجارات والمستشفيات والجامعات والمدارس.....) لضمان التزامها بالعملة المحلية.
- إغلاق المتاجر أو المؤسسات التي ترفض التعامل بالريال اليمني.
3 *. البنك المركزي* :
- تنظيم عمليات بيع العملات الأجنبية عبر قنوات رسمية لمنع المضاربة.
*- الحاجة إلى إجراءات صارمة* :
لذا، من الضروري أن تتخذ الجهات المعنية إجراءات صارمة لمنع التعامل بالعملة الأجنبية, وفي مقدمة هذه الإجراءات، يأتي المنع الصارم لكافة أشكال التعامل بالعملة الأجنبية في تقديم الخدمات أو بيع السلع داخل الأراضي اليمنية. يجب أن يكون الريال اليمني هو العملة الرسمية الوحيدة المقبولة في جميع المعاملات التجارية والخدمية على المستوى المحلي.
يجب أن يكون هناك تشديد على العقوبات المفروضة على كل من يواصل التعامل بها، وذلك لحماية الاقتصاد المحلي وتعزيز استقرار العملة الوطنية.
إن تطبيق هذا المنع يتطلب تفعيل الأجهزة الرقابية والقضائية لمعاقبة المخالفين بكل حزم. فالتهاون في تطبيق القانون سيؤدي إلى استمرار هذه الممارسات الضارة وتعميق الأزمة الاقتصادية.
*أهمية التوعية* :
كما يجب أن تقوم الحكومة والسلطات المحلية بحملة توعية لأهمية استخدام العملة المحلية، وكيف أن ذلك يمكن أن يساهم في دعم الاقتصاد الوطني. فالتعاون بين جميع الأطراف المعنية سيكون ضروريًا للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية.
*حماية الاقتصاد الوطني مسؤولية الجميع* :
اليمن يواجه تحديًا اقتصاديًا خطيرًا يتطلب إجراءات عاجلة وحاسمة. التعامل بالعملة الأجنبية محليًّا ليس مجرد خيار اقتصادي خاطئ، بل هو خطر يهدد سيادة الدولة واستقرارها. على الجهات المعنية، بدءًا من المجلس الرئاسي وصولًا إلى البنك المركزي، أن تتحرك فورًا لإنقاذ ما تبقى من قيمة للعملة الوطنية وحماية المواطن من تداعيات لا تحمد عقباها.
*كلمة أخيرة* :
ونحذر من استمرار هذا الوضع دون تدخل حازم قد يقود إلى انهيار اقتصادي شامل، و ضرورة تفعيل القوانين التي تجرم التعامل بغير العملة الوطنية في السوق المحلية، وفرض عقوبات صارمة على الجهات والأفراد الذين يصرون على التعامل بالدولار أو غيره من العملات الأجنبية داخل اليمن.
إن الوقت يداهمنا، وكل تأخير في اتخاذ هذه الخطوات الحاسمة سيزيد من معاناة الشعب اليمني ويُعيق أي جهود للتعافي الاقتصادي المستدام. إن الحفاظ على قيمة العملة الوطنية مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف من أجل مستقبل أفضل لليمن.
" *الريال اليمني هو رمز السيادة الوطنية، وحمايته واجب على كل يمني* ".
إن إنقاذ العملة المحلية ليس خيارًا بل ضرورة وطنية تمس حياة كل مواطن، ويقع على عاتق السلطات كافة اتخاذ الخطوات الجادة لحماية ما تبقى من الاستقرار الاقتصادي.
*المحاسب القانوني*
*معاذ عبدالواحد محمد الصبري*
*نقيب المحاسبين – رئيس مركز المستشارين اليمنيين*