الحكمة، كما وردت في القرآن الكريم، تُعد من المصطلحات العميقة والمليئة بالمعاني، التي تدور مع مقاصدها المتنوعة ولا تنحصر حصراً في السنة النبوية.
إن الفهم الشمولي لكلمة الحكمة يتجاوز المفهوم الضيق الذي يربطها فقط بتفسير السنة للقرآن، ليصل إلى جوهرها الذي يرتبط بالوعي، العقلانية، والاستفادة من النصوص لتحقيق مقاصد الشريعة.
يتجلى هذا في عدة مواضع من القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: *"وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة"* (البقرة: 231).
فهم هذا السياق على أنه يعني السنة النبوية بشكل حصري قد لا يكون دقيقاً، خاصة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفسر القرآن بشكل كامل، بل اكتفى بمواقف محددة لتوضيح بعض النصوص.
كذلك في قوله تعالى: *"ويعلمكم الكتاب والحكمة"* (البقرة: 151)، فإن الحكمة هنا تشير إلى منظور أوسع يشمل التفكير السليم والعمل وفق مقاصد الشريعة، وليس فقط السنة. صحيح أن السنة النبوية تُعد جزءاً من الحكمة، لكنها ليست المعنى الوحيد.
لننظر إلى بعض الآيات التي توضح تنوع مفهوم الحكمة:
- قوله تعالى: *"ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً"* (البقرة: 269)، الحكمة هنا تمثل نعمة كبرى مرتبطة بالإدراك العميق والتفكر.
- قوله تعالى: *"وآتينا لقمان الحكمة"* (لقمان: 12)، من الواضح أن الحكمة هنا لا تعني السنة النبوية، بل تشير إلى قدرة لقمان على تقديم النصائح والعمل بالعدل.
- قوله تعالى: *"وإذكرن ما يُتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة"* (الأحزاب: 34)،
الحكمة هنا لا ترتبط بالسنة حصراً بل تشير إلى فهم الايات القرانية والموعظة والأوامر الإلهية.
مصطلح الحكمة في القرآن الكريم يرتبط بالمقاصد العليا للشريعة، ومنها:
- تحقيق العدل.
- التوجيه نحو الخير.
- تعزيز الفهم السليم للأمور.
- تجنب الحرفية الضيقة في تفسير النصوص.
الحكمة لا تقف عند حدود نصوص السنة فقط، بل تشمل التفكير العملي، التدبر، والإبداع في تطبيق النصوص بما يحقق أهداف الشريعة في كل زمان ومكان.
الحكمة في القرآن الكريم ليست مجرد شرح للسنة النبوية، بل هي مفهوم واسع يشمل العقلانية والعمل بالموعظة والاستفادة من النصوص لتحقيق مقاصد الشريعة.
*الحكمة تظل جوهراً أساسياً في فهم النصوص القرآنية، والعمل بها، وتحقيق التوازن بين النصوص الثابتة ومتطلبات الحياة المتجددة.
* هذا الفهم الشامل يساعدنا على إدراك عمق النصوص القرآنية والتفاعل معها بعيداً عن الحصر والتقييد.