آخر تحديث :الثلاثاء-01 يوليو 2025-08:25م

النفاق السياسي آفة دمرت اليمن.

الخميس - 08 مايو 2025 - الساعة 10:53 م
احمد علي القفيش

بقلم: احمد علي القفيش
- ارشيف الكاتب


تعود كثيراً من السياسيين والقيادات الحزبية والعسكرية والمسؤولين في اليمن، أن يبنون مواقفهم بناء على مصالحهم الشخصية وبما يحفظ مكانتهم وإمتيازاتهم وقربهم من السلطة ومن مصدر القرار، والمشكلة أنهم لا يقدمون مصالحهم على المصالح الوطنية وحسب، بل أنهم مستعدون للتضحية باليمن للحفاظ على مكانتهم وإمتيازاتهم وسلطتهم.



من يحكم اليمن اليوم.



يتنازع اليمن حكومتين الأولي في صنعاء وما يسمى بمناطق سيطرة الإنقلاب الحوثي، والثانية مابين الرياض وعدن وتسمى بالحكومة الشرعية في المناطق المحررة، ومعظم من يتصدر المشهد في الحكومتين كانوا من قيادات الصف الاول والثاني في نظام الرئيس السابق الشهيد علي عبدالله صالح، والكثير منهم كانت تربطهم علاقة لاتتوقع أن تراهم في يوم من الأيام منقسمين على طرفين نقيضين متحاربين.



ماهو المشروع الذي جمعهم قبل أن يتفرقوا.


أساساً هم لا يمتلكون مشروع وطني ولا يحترمون مبادئ معينة او ثوابت يمكن أن تجمعهم وتمنعهم من تقلب مواقفهم وإنتقالهم من مكان إلى نقيضه، وما يجمعهم ويفرقهم هي المصالح الشخصية، وعندما كان صالح يحكم اليمن بحزب المؤتمر الشعبي العام رأى هؤلاء الأشخاص أن الوصول للسلطة لن يأتي إلا عبر التسلق من خلال هذا الحزب، حتى أن البعض منهم كان يصف المؤتمر الشعبي العام بحزب الوطن ويبالغ في المدح والمزايدة حتى لو لم يكن عنده أي فهم او علم او قناعة عن أدبياته وبرنامجه وقد ينتقلوا اصحاب النفاق السياسي من الاشتراكي او الإصلاح او البعث ويصبحوا أعضاء لجنة دائمة في المؤتمر الشعبي وهذه من الأخطاء التي أرتكبتها قيادة المؤتمر.



كيف تفرق الأحبة والأصدقاء وتبدلت القناعات.


في الحقيقة أن الفرز والإنقسامات لم تحدث في وقت واحد ولكنها بدأت تدريجياً منذ 11 فبراير 2011 وأستمرت حتى 2 ديسمبر 2017 فعندما أعُلنت ثورة الشباب شعرت الكثير من القيادات أن القفز من السلطة إلى ساحة التغيير هو الضامن لعودتهم للواجهة كثوار لا يشق لهم غبار، خصوصاً وهم يدركون حجم المؤامرات والدعم الدولي لإسقاط النظام، وأستمر القفز والفرز لست سنوات ولا زال إلى اليوم بنسبة أقل ولكن المرحلة الأهم التي تشكلت فيها ملامح الإنقسامات كانت من النصف الثاني من عام 2014 حتى إعلان عاصفة الحزم في الثلث الأول من عام 2015 حيث شهدت هذه الفترة إندفاع كبير ومن قيادات فاعلة ولديها الخبرة للقفز بإتجاه الحوثيين، الأمر الذي مكنهم من السيطرة وملئ الفراغ الذي تركه النظام السابق بعد سقوطه، وكان الدافع الأكبر لموقفهم هذا هو ردة فعل على إقصائهم من وظائفهم واعتبارهم جزء من النظام السابق، وبالمقابل فقد كانت الفرصة سانحة ومغرية أمام الإنتهازيين والمتطفلين والوصوليين للقفز بالإتجاه الآخر وإعلان تأييدهم لعاصفة الحزم ليس إيماناً منهم بعدالة القضية وقناعتهم بأن يخوضوا الحرب لأجلها، لكن من أجل أن يقبضون الثمن ويستثمرون الصراع بشكل إنتهازي ويضمنون بقائهم هم وأسرهم في مناطق آمنة خارج اليمن بعيداً عن المواجهات فهم يتحدثون بأسم المقاومة في أروقة التحالف وهم بعيدين ومنفصلين عنها في الواقع.




كيف يستطيع أصحاب النفاق السياسي القفز من مكان إلى آخر نقيض له.



تمتلك هذه الفئة إمكانيات مادية وبشرية وتخصاصات متعددة قادرة على تحويل وتصوير نفاقهم السياسي للناس بأنه أمر شرعي ودستوري وأنه من أعلى مراتب الشرف والوطنية، فلديهم خبراء في الفقه السياسي يمكنهم أن يقنعوك بأن مخالفة الدستور كانت من أجل الدستور نفسه، وقادرون على إقناعك بأن خيانة الوطن والعمالة وبيعه كان من أجل إستعادته واقناعك بأن التضحية بالمدنيين وتنازلهم عن حقوقهم ومصادرة مرتباتهم وتحملهم لغلاء الأسعار ودفع الأتاوات التي تفرض عليهم واجب والإعتراض عليه خيانة وطنية، وأن تفريط القيادة وعدم القيام بواجبهم وتأدية مهامهم وأي أخطاء يرتكبونها أمر يفرض علينا تقبله لأننا في حالة حرب ولا مجال للمحاسبة بحجة أنها تخدم العدو، ولديهم أيضاً أصحاب النفاق السياسي جيشاً من الإعلاميين يتفوقون على جيوش المقاتلين في الجبهات من حيث العدة والعتاد والإمكانيات المالية يصورون للناس أن المزيد من الضحايا يعد مزيداً من الانتصارات وأن تصريح المسؤول الفلاني او تغريدته او حتى عزكم الله دخوله للحمام لقضاء الحاجة يعتبر إنتصار مؤزر وعظيم.



الخلاصة.


اصحاب النفاق السياسي موجودين في كل الأطراف ويتصدون صفوفهم جميعاً.

عدد فهم من أسقط الدولة في 2011.

وهم من أنقلب على ثورة الشباب في 2014 ومكنوا الحوثيين من مفاصل الدولة ليصبحوا أكثر ثقلاً وقوة ويرتفع سقف طموحهم.

وهم من أفشل عاصفة الحزم وتسببوا في خلافات الشرعية فيما بينها ومع التحالف.

وهم من تسببوا في الإنقلاب على الرئيس هادي وعزله عن القيادات الميدانية ثم عزله عن السلطة وباركوها.

وهم من يعطل أي تفاوضات مباشرة بين اليمنيين تهدف للوصول إلى تسوية سياسية و وقف الحرب بصورة ترتضيها كل الأطراف وتحفظ حقوق كل اليمنيين.

فأصحاب النفاق السياسي لا يمكنهم البقاء في ظل وجود دولة مؤسسات.

وليس لهم مكان محدد يجمعهم او مبدأ وينقسم أصحاب النفاق السياسي على الفريقين المتحابين.

ويتصدرون المشهد فيكلا الطرفين المتحاربين ليس لأنهم ممن يتقدمون صفوف المواجهات ولكن لأنهم أصحاب الصوت العالي وأصحاب الصوت العالي أقل الناس تضحية وأكثرهم استفادة في أي مرحلة.

وما أكثر أصحاب النفاق السياسي في واقعنا هذا .... أتمنى أن أكون قد وفقت في التوضيح للناس والكشف عنهم لأنهم أصبحوا خطر كبير على اليمن وبسببهم قد نفقد القدرة على فهم كثير من الأحداث بسبب التناقضات وخلط الأوراق الذي تمارسه هذه الجماعة.



احمد علي القفيش