آخر تحديث :الأحد-01 يونيو 2025-10:21م

ما أجمل الصباح 15

الأربعاء - 14 مايو 2025 - الساعة 08:00 ص
د. عوض احمد العلقمي

بقلم: د. عوض احمد العلقمي
- ارشيف الكاتب



انقطعت أياما عن البحر ، وذلك لشدة الحرارة مع إطلالة الصيف المحرقة ، التي لاتحظى بالترحيب من القاطنين في حاضرة بحر العرب ، ورافق تلك الإطلالة المشؤومة غياب شامل للكهرباء في الحاضرة .

في هذا اليوم اعتدل الطقس قليلا ماجعلني انطلق باكرا نحو البحر لعلي أظفر بشيء من نسمات الهواء الباردة قبل أن تظهر ربة الضياء في تجبر وتبختر موجهة أشعتها الحارقة .

وفي هذه الأثناء كانت المفارقة الصادمة ، إذ عثرت ، وأنا أمشي على الشاطئ ، على مجموعة من الشباب يمضغون القات ، متكئين بشكل دائري في كوخ خشبي ، يبدو أنهم قد استكملوا ليلتهم ، ويريدون أن يواصلوها بنهارهم ، غضيت طرفي مستمرا في السير ، وإذا بي اصطدم بمجموعة أخرى ، أيضا يمضغون القات ، محتمين بظل مركبتهم من سهام الشمس الحارقة ، التي بدت صفوفها الأولى مصوبة نحوهم ، وهنا بقيت أحدث نفسي وأقول هذا مايريده الغرب المتصهين من شباب أمتنا ، ويسعى إلى تحقيقه بكل ما أوتي من قوة .

واصلت السير حتى عمدت إلى المكان الذي استطيع الإبصار منه جيدا ، ويكون البحر وماعليه شاخصا أمام ناظري ، ثم جلست ، وإذا بشيخ مسن يجمع قنينات المياه البلاستيكية الفارغة ليقتات بثمنها الزهيد ، فتألمت لحاله ، ورثيت لما آل إليه حاله وحال هذه الأمة ، ماجعلني أناديه .. ياحاج ..ياحاج ... وأنا ألوح بورقة نقدية أريد أعطيه إياها ، لكنه نظر إلي نظرة واحدة ، ثم انصرف عني منشغلا بجمع القنينات ، عند ذلك ظننت أنه لم يسمعني جيدا ، أو أن بصره قد ضعف ولم يعد يسعفه لرؤية المال الذي بيدي ، عند ذلك وقفت أنادي عليه مرة أخرى وألوح بيدي ، والرياح تعبث بالورقة النقدية بين أصابعي ، غير أنه استدار ونظر جيدا نحوي ، ثم انصرف عني ، وهو يسمعني أنادي عليه مرة تلو أخرى ، وفي هذه الأثناء فقط أدركت أنه عزيزا متعففا مترفعا عن صدقتي غير آبه لشفقتي عليه ، فيالها من مفارقات محزنة في هذا الصباح الجميل.