في حضرة الوطن والوفاء ، نقف اليوم بإجلال أمام قامة وطنية وإنسانية شامخة ، رجلٌ خُلق للمواقف الصعبة ، وارتبط اسمه بالصدق والنزاهة والتضحية. الشهيد البطل أحمد علي باحاج ، رحمة الله عليه، الذي استشهد في مثل هذا اليوم 23 مايو 2015م ، كان نموذجاً نادراً في القيادة والعمل الوطني والاجتماعي ، واليوم تمر الذكرى العاشرة لاستشهاده ، فتتجدد مشاعر الوفاء والعرفان لرجل عاش للوطن ، ومضى من أجله.
عاش الشهيد أحمد باحاج حياة بسيطة متواضعة، لكنه حمل في قلبه هموم الناس وآمالهم ، وكان لا يهدأ له بال حتى يرى الابتسامة مرسومة على وجوه أبناء محافظته، خصوصًا شبوة التي أحبها وأعطاها من عمره وفكره وجهده. لم يكن مسؤولاً عاديًا، بل كان حاكماً بقلب المواطن، قريبًا من الجميع، لا تمييز عنده ولا حواجز، بل عمل دؤوب من أجل التنمية والخدمة العامة.
▪ تقلّد الشهيد باحاج قيادة السلطة المحلية بمحافظة شبوة في واحدة من أصعب المراحل، فكانت قراراته تُصنع وسط العواصف، لكنه لم يتراجع ولم يضعف، بل ثبت وثابر وكان في مستوى التحدي. قراراته كانت شجاعة، وصوته كان صادقًا، وفكره دائمًا منحاز للمصلحة العامة. لقد عرفه الجميع بصفاته النبيلة، بأخلاقه العالية، وببصماته الواضحة في كل زاوية من زوايا العمل الوطني .
▪ لم يكن الشهيد البطل بعيدًا عن نبض الشباب، بل كان راعيًا لهم، داعمًا لطموحاتهم، مؤمنًا بدورهم في صناعة المستقبل. دعم الأنشطة الشبابية والرياضية، وشجّع الإبداع والمواهب، ووقف إلى جانب كل من يحمل فكرة تخدم المجتمع. وكانت كلماته للشباب في زيارته لمشروع الصالة الرياضية المغلقة بمدينة عتق قبيل استشهاده بأيام قليلة، رسالة من القلب، حين قال:
"نفتقد لإظهار الوجه المشرق للمحافظة، لكن بجهودكم أيها الشباب يمكن أن يظهر الوجه المشرق لشبوة، وأن يتحقق السلام فيها."
▪ لم يكن الشهيد رجل سياسة فقط، بل كان مثقفًا حريصًا على الإعلام، متابعًا دقيقًا لكل ما يُنشر، وكنت قد عرفته عن قرب أثناء عملنا في صحيفة "حبان الثقافية" التي كنا نُعدّها من منزله، وكان يقرأ المواد ويعطينا رأيه بكل شفافية، مما ساعد في انتشار الصحيفة على مستوى واسع.
▪ من الوفاء أن تُقام بطولات رياضية باسمه، كما فعل نادي طليعة حبان بتنظيم ثلاث بطولات ذهبية على ملعب البراح، تحمل اسمه وتخلّد ذكراه في قلوب الشباب. لقد بادله الناس الوفاء بالوفاء، لأنهم عرفوه رجلًا صادقًا في كل مواقفه، وطنيًا حتى النخاع، شجاعًا في قول الحق، حكيمًا في معالجة القضايا، كريم النفس والمعشر.
▪ الشهيد أحمد باحاج لم يكن مجرد محافظ ، بل كان أبًا وأخًا وصديقًا ومرشدًا للجميع، واستشعر حجم مسؤوليته الوطنية وأداها بإخلاص نادر، وكانت روحه محلقة دومًا في فضاء الوطن. ورغم رحيله، تبقى روحه حاضرة بيننا، تذكرنا بالقيم، وتلهمنا للمزيد من العطاء.
ختامًا، هذه الدنيا فانية، ولا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام. نسأل الله أن يتغمد الشهيد أحمد علي باحاج بواسع رحمته، وأن يجعل مقامه في الفردوس الأعلى، جزاء ما قدم لوطنه وأهله.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.

