آخر تحديث :الإثنين-02 يونيو 2025-08:38م

محمد بن همام : معدنٌ أصيل لم تغرِه المناصب، ولم تُغره العواصم

الأحد - 25 مايو 2025 - الساعة 05:12 م
عادل القباص

بقلم: عادل القباص
- ارشيف الكاتب


في زمنٍ تتلاطم فيه أمواج الاضطرابات السياسية والاقتصادية، وتتهاوى فيه المبادئ أمام مغريات المناصب والملاذات الآمنة، يبرز اسم محمد بن همام، محافظ البنك المركزي اليمني سابقًا، كأنموذج نادر لرجل دولة ظلّ وفيًا لأرضه، نقيَّ اليد، شامخ الرأس، عميق الجذور.


بعد انتهاء فترة خدمته الرسمية، لم يختر ابن همام حياة الرفاهية في عواصم القرار العربي. لم يستقر في أبوظبي، ولا الرياض، ولا القاهرة، ولا إسطنبول، ولا الدوحة، ولا غيرها من المدن التي استقطبت كثيرًا من النخب اليمنية. بل آثر العودة إلى حيث بدأت الحكاية، إلى حضرموت، وتحديدًا غيل باوزير، مسقط الرأس ومهد القيم.


في أحياء تلك البلدة الهادئة، يمكن أن تجده ببساطة في جلسة عصريّة، يحتسي الشاي ويتذوّق الحنظل مع زملاء الطفولة والشباب، بعيدًا عن الأضواء والضجيج. هذه الصورة تختزل جوهر الرجل: التواضع، والوفاء، والصدق مع النفس، والإيمان بأن المنصب لا يصنع قيمة الإنسان، بل سلوكه ومواقفه هي التي تحدد قيمته الحقيقية.


إن محمد بن همام لم يكن مجرد مسؤول مالي، بل كان رجل مرحلة، حافظ على ما تبقّى من الثقة في مؤسسة اقتصادية وطنية في وقت عصيب. وعندما طُويت صفحة المنصب، لم يهرب، ولم يبحث عن بديل في الخارج، بل بقي في قلب وطنه الجريح، قريبًا من نبض الناس وتاريخ الأرض.


النظيف يبقى نظيفًا، والمعدن الأصيل لا يصدأ.

ومحمد بن همام واحد من أولئك الذين يستحقون أن يُحتفى بهم، لا بأوسمة أو تكريمات شكلية، بل بأن يُروى اسمه بفخر في مجالس اليمنيين كرمزٍ للاستقامة، والإخلاص، والولاء للأرض والناس.


ربنا يمنّ عليه بالصحة والعافية وطول العمر، إنه سميعٌ مجيب .